من يتابع هذه الزاوية سيعلم الغرض من موضوعنا اليوم فوراً، وهو موضوع شيق في الحقيقة لأنه شيء نراه ونتعامل معه بشكل مستمر وهو خدع تستخدمها الأسواق لحث الناس على صرف المزيد من الأموال في أشياء لا يحتاجونها، ولا أقصد التسوق فقط بل حتى المرور أمام الأسواق أو المطاعم (الخ) يكفي ليجعلكِ تنتبهين ويجعلك تنتبه لما سأتكلم عنه اليوم! ولنبدأ بسؤال: هل تعلم ما هي منطقة الانتقال؟
«منطقة الانتقال» هو الاسم الذي يُطلَق على المنطقة التي تلي أبواب السوق مباشرة، فعندما تدخلين خلال بوابة السوبرماركت فإنك لن تركزي على ما ترينه لأنك لم تنتقلي كلياً إلى جو السوق، لذلك توجد منطقة تقوم بتجهيزك نفسياً في البداية ومن ثم توضع العروض والعربيات لتبدأ عملية شفط مالك، وهذه العملية تبدأ قبل دخولك بل قبل بناء السوق أصلاً، ذلك أن تصميم الأسواق فيه حِيَل، و من هذه الحيل أن أسواق السوبرماركت تلاحظونها دائماً خالية من النوافذ، وهذا ليست مصادفة بل هي مقصودة والهدف منها تعمية المتسوق عن الوقت فلا يشعر أنه قضى وقتاً طويلاً في السوق، مثل أن يرى غروب الشمس. هذا الحجب من العالم الخارجي مقصود ومدروس، فمهمة السوق أن يبقيك داخله لأطول وقت ممكن، لأنه كلما طال مكوثك زادت احتمالات أن تشتري شيئاً، ومن ذلك أن بعض الأسواق -مثل أسواق الملابس الثمينة- تضع مربعات بلاط صغيرة في المناطق الغالية، ومهمتها أنك عندما تدفعين عربة التسوق فإن كثرة مرورك فوق البلاط يصدر أصوات قرقعة مما يوحي أنك تمشين بسرعة ومن ثم تهدئين وبالتالي تزيدين الوقت الذي تقضينه في السوق، خاصة المناطق غالية الأسعار هذه والتي تُدرّ عليهم أرباحاً أعظم.
المشكلة أنه حتى لو جلستم للراحة فلن تتوقف هذه الخدع النفسية. توجد كراسي للراحة في الأسواق وهذه ستلاحظ أنها تواجه البضائع، ويندر أن تكون تواجه العالم الخارجي! مهمة السوق أن لا يقطع التواصل بين عينيك أيها المتسوق والمتسوقة وبين البضائع حتى وقت راحتك. ومن خدع أسواق السوبرماركت هي ما يسمى الخضخضة أي كأن السوق يخض ويهز ما داخله فيتغير مكان كل شيء، وفكرتها أن يضع السوق بضائع في أماكن مختلفة -مثل عروض ترويجية جديدة-، وهذه تستهدف المتسوقين المتكررين والذين حفظوا أماكن البضائع، فيُبرز السوق مكان بضائع أخرى ليغريهم بشرائها. ومن صور إغراء الشراء أيضاً هو عندما يضعون الشوكولا وأشياء أخرى مغرية رخيصة عند نقاط البيع مثل عند الكاشير، لأن هناك طوابير مليئة بالمتسوقين الذين ينتظرون أدوارهم، فيستغلون وقت الانتظار للتسويق ومحاولة بيع المزيد عليكم. وأيضاً من الحيل هي وضع البضائع الأغلى في بداية السوق، وهذا يستغل مبدأ المقارنة، فعندما ترى سلعة وتستغل ثمنها فإن ما يليها من بضائع سيكون أقل بالنسبة لك، حتى لو كانت غالية في حد ذاتها ولا تستحق ثمنها. هذا غيض من فيض، وهناك جيوش من المصممين والمسوّقين ممن لا هم لهم إلا أخذ أموالكم، فاحذروا!
Twitter: @i_alammar