قبل عامين كنت في الرياض أشارك في واحد من الملتقيات الكثيرة التي أدعى للمشاركة فيها وأستجيب. على طاولة الغداء فاجأتني السيدة الجالسة إلى جانبي قائلة:» أنا مدرسة وأختي هذه محامية, ما زلت أحتفظ في ملفاتي بمقالاتك في جريدتي الرياض ثم الجزيرة في التسعينيات ونحن طالبتين في الثانوية. كنت أحس بك تعبرين عن مشاعري وطموحاتي.. وما زلت».

وقبل أقل من عام كنت في دبي لحضور فعالية مميزة: يوم 7 و8 مارس 2012 مؤتمر الشرق الأوسط لجائزة التميز للقياديات. وتم فيها تكريم سيدات اخترن لأنهن تركن تأثيراً ليس فقط في السعودية بل عربيا وفي منطقة الخليج بالذات. وأنا إحداهن. وهذا من فضل ربي.

أتذكر هذا إذ تحمّل أصداء الإعلام ببيانات تؤكد أن تعيين المرأة في الشورى مؤامرة تغريبية لإخراج المرأة المسلمة من بيتها وبالتالي هدم المجتمع. وتصريح لسيدة خرجت من بيتها إلى استديو التسجيل لتقرأ بيانا معدا مسبقا: هؤلاء لا يمثلننا! وتقصد بذلك السيدات الـ30 اللاتي تم اختيارهن لعضوية مجلس الشورى.. وأنا إحداهن.

أتذكر لقاء جمعني بسيدتين فاضلتين بعد جلسة في مؤتمر بجدة قبل عامين أو ثلاثة الأولى استأذنتني أن تستخدم الورقة التي قدمتها فيه لتستعين بها في تدريسها لطالباتها الجامعيات في تخصص علم الاجتماع. والثانية ناقشتني في حيثيات مطالبتي بحسم قرار تمكين المرأة. أثمن هذا التعبير العفوي عن تقديرهن. كما أتفهم تفضيل من ترفض المختارات للشورى أن تكون هي أومن تمثلها ضمن المختارات. كلهن جديرات وقديرات ومؤمنات بدورهن في بناء الوطن.

أما الذي يرى مؤامرة في مشاركة المرأة في الشورى أو بالأحرى في أي حضور لها خارج جدران رغبته الشخصية فهو يشكك ليس في القرار السامي الرشيد بل في ما منحه الإسلام للمرأة من حق الحضور والتعبير والمساهمة في البناء المجتمعي والاقتصادي العام.

وإنها لثقة كبيرة من صانع القرار أن رأى فيناكفاءة من يمكن أن يعهد إليهن بمسؤولية تجربة وطنية مهمة..ثقة أثمنها من القلب. ومسؤولية إنجاح التجربة الأولى لعضوية المرأة في مجلس الشورى مهمة مصيرية كلفنا ولي الأمر القيام بها, شخصيا أنوي أن أقوم بأفضل ما أستطيع! وعلى الله الاتكال؛ وفقنا الله جميعا أن نقوم بالواجب؛ ونحسن أداءه.