من الممكن أن يسعى الفرد لطلب رزقه ببيع الخردوات أو ببيع الخضار، ولكن أن يكون البحث العلمي مجالاً لطلب الرزق فقط فهذا أمرٌ عجب. إذا لم يسهم البحث العلمي في تعزيز الإنتاج، وتطوير المعرفة، وتحقيق الرفاهية الاقتصادية والتماسك الاجتماعي فلا قيمة له. عندما تتعاظم نسبة الذين يواصلون الاشتغال بالبحث العلمي وفق معاييره الصارمة بعد حصولهم على الدكتوراه، وعندما تتعاظم نسبة الذين يواصلون مسيرتهم البحثية دون انتظار ترقية علمية أو وظيفية، فاعلم أن واقع البحث العلمي بخير. لا نهضم حق الباحث في المردود الاقتصادي، ولكن أن يكون هدف الباحث من البحث هو تحسين دخله ومكانته فقط على حساب نوعية وجودة البحث العلمي فتلك والله كارثة على الفرد وعلى المؤسسة التعليمية.
أنا لا أثق بنتائج أي بحث قام به أحدهم مستهدفاً تحسين أوضاعه بالدرجة الأولى، دون أن يكون لديه شغف حقيقي بالبحث العلمي، ودون أن يكون لديه إيمان عميق بقدرة البحث على تشخيص ومعالجة أزمات الإنتاج والتنمية. شغف الباحث بالبحث العلمي يمكن اكتشافه من طبيعة الموضوعات التي يتناولها بالدراسة (بعض موضوعات البحوث لا تضيف شيئاً للمعرفة أو للمهنة أو للتنمية عموماً)، كما يمكن اكتشاف شغف الباحث بالبحث العلمي من خلال استمراره منشغلاً بالبحث العلمي رغم تضاؤل المردود المادي الشخصي والوظيفي.
أستاذ التربية بجامعة الملك سعود