لن نرى الأمير سطام بن عبدالعزيز بعد اليوم، ولن تكون ابتسامته حاضرة بعد وفاته - رحمه الله - وستغيب عنا أريحيته وتواضعه وبشاشته وحبه لخدمة الناس، فقد انتهت رحلته في هذه الحياة وودّع الناس والأرض، وخسرنا بهذا الوداع رجلاً نبيلاً وشخصية آسرة ومسؤولاً كان بابه وموقعه في المسؤولية في خدمة المواطن، لا يرد سائلاً أو طالب شفاعة أو كان ذا حاجة يمكن للفقيد أن يحلها أو يساعد في حلها.
***
كان طموح أمير منطقة الرياض سطام بن عبد العزيز كبيراً في استكمال ما بدأه الأمير سلمان من مشروعات حيوية، وهندسة بذائقة فنية لمنطقة الرياض على مدى عقد من الزمن، والذين قدر لهم أن يلتقوه بعد أن حصل على ثقة خادم الحرمين الشريفين ليكون خلفاً لسلفه ورفيق عمره الأمير سلمان سمعوا منه ما كان يثلج الصدر من إنجازات قادمة وموعودة بها منطقة الرياض، وقد أقر بعضها وأعلن عن تنفيذ بعضها، وكان الإعلان عن تنفيذ البقية في الطريق لولا أن الحياة لم تمهله طويلاً.
***
في إحدى اللقاءات التي جمعتني بسموه مع أعداد من المسؤولين ورجال الأعمال وشخصيات اجتماعية، عرض أحد المواطنين على سموه بأن يزور المحافظة التي ينتمي إليها هذا المواطن، وكان رد سموه واضحاً (لن أزور محافظة من محافظات منطقة الرياض إلا وأنا أحمل مشروعات لها، والملك عبدالله وعدني بذلك)، مضيفاً (بأن الملك إذا وعد صدق، وأنا أعدكم بأن دعم المليك سوف يصل إليكم قريباً). وكان هذا الكلام يتم في مناسبة خاصة، فلم يشأ الأمير أن يفوت طلب المواطن بالتسويف، بل حرص على أن يطمئنه وغيره من المواطنين على أن الخير قادم بدعم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
***
أكثر من خمسة وأربعين عاماً تفرغ الفقيد خلالها لخدمة المواطن في إمارة منطقة الرياض إلى جانب سمو الأمير سلمان سنداً وعضداً له، فتعلم منه ما أعانه على القيام بمسؤوليات الإمارة وكيلاً ثم نائباً فأميراً للمنطقة. وكان خلال هذه الخدمة الطويلة محل تقدير الناس ومحبتهم بتواضعه وبشاشته ومداعباته وإنسانيته التي لا تغيب، بحيث يمكن القول أن سطام بن عبدالعزيز الذي فقدته الإمارة والمواطنون بل والوطن كله كان على هذا النحو من التميز في تعامله وسلوكه وأسلوب إدارته للعمل.
***
لقد فجُعنا جميعاً حين علمنا بمرضه، وأصابنا الخوف عندما قيل لنا بأن حالته الصحية تمر بمرحلة خطرة، وداهمنا الحزن وكان طاغياً حين أُعلن عن وفاته، لنفقد هذه الشخصية المبهرة من حياتنا. فله منا الدعاء بالرحمة والغفران، ولمليكنا وولي عهده وأبناء الفقيد الكبير والأسرة المالكة الكريمة وجموع الشعب السعودي الوفي صادق المواساة في وفاة هذا الرجل الشهم الذي كان على خلق، ولو لم تكن من صفاته إلا هذه لكفى، لكنه كان يجمع من الشمائل والصفات ما هو أكثر من ذلك بكثير.