بالقرب من منزلي مدرسة ابتدائية، تكفلت بتعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، وهذا هو أقصى ما تستطيعه أية مدرسة في ظل هذا التوهان الذي يعيشة المخططون التربويون، فالمدارس بعيدة عن إكساب الطلاب خبرات حياتية ولا تجارب، حيث قصرت جهودها على التلقين اليومي للدروس!.. هذه المدرسة وأجزم أن هناك الكثير من مثيلاتها مع تفاوت في تدني مستوى الجمال في بوابتها ومبناها الخارجي والداخلي، حيث (يصطبح) الطلاب مع إشراقة كل شمس بمنظر يميت في نفوسهم الإحساس بالجمال أو تعاطيه والاستمتاع به، فهي (تقذف) في عيونهم القبح صباح كل يوم ابتداء من بوابتها الحديدية السوداء إلى منظر تلك الحواجز الإسمنتية المتراصة أمام البوابة، حاول مدير المدرسة وربما بمساعدة من لجنة (استشارية) أن يمنعوا وقوف سيارات المعلمين أمام البوابة فهداهم تفكيرهم للطريقة الأسهل وليست الأجمل إلى هذا المنظر المؤذي للعين وللروح.. ورغم وجود ساحة (إسفلتية) كبيرة أمام المدرسة إلا أن المعلمين يوقفون سيارتهم بفوضى (هدامة) تضيق على الطلاب عبورهم بل وعلى الجيران، فالكل يريد أن يكون الأقرب إلى بوابة المدرسة ولو كان ذلك على حساب المنظر العام أو حتى مضايقة الآخرين!.. في الصباح يتلافى الطلاب السيارات الواقفة بالفوضى بصعوبة، بعض السيارات تحمل على زجاجها بصمات تؤكد هطول الأمطار قبل عدة أشهر، يعبر الطلاب بين الحواجز الإسمنتية بمنظرها الأبيض والأحمر بعد أن محا الزمن بريق ألوانها ويدخلون إلى المدرسة لا تواجههم في مدرستهم الابتدائية لا شجرة تشقشق فوقها العصافير ولا وروداً تزرع الجمال في عيونهم وأرواحهم ويستنشقون عبيرها هي أقرب إلى مبنى عسكري جامد، ثم يدخل الطلاب إلى فصول تسودها الفوضى يصلحون من (كركبة) طاولاتهم المتناثرة لتقع عيونهم على جدران مليئة بالكتابات والعبارات المسيئة للذوق العام، اتحدث عن بعض وليس كل المعلمين الذين يدخلون على الطلاب متأففين يوقفون الدرس ليتحدثوا بهواتفهم، منطقهم وأساليبهم القاسيه تقطع الطريق على الطلاب لتعلم كيفية جمال الحديث ورقته!! قسوة في اللفظ تنزل على أرواح طرية ماتزال في طور التشكيل، تتعلم التجهم وتقطيب الجبين والشح في الابتسام والقسوة في الكلام! (بعض) المعلمين ينسى أنه يربي جيلاً ناشيئاً ليتحول إلى موظف ملقن.. الجمال قيمة وسلوك يتعلمه الطالب في المدرسة، فكيف له أن يتعلم الجمال إذا كان هذا الهدف لا يسعى لتحقيقه ضمن الناهج الدراسية، كثير من الألفاظ والسلوكيات السيئة يتعلمها الطالب من جلوسه في المدرسة؛ وإذا كان لا حول للمدرسة في السيطرة على تلفظ التلاميذ على بعضهم فإنها يمكنها أن تعلمهم كل جميل من سلوك اجتماعي يرتقي بهم وبمجتمعهم، الله جميل يحب الجمال عبارة نرددها ولا نتمثل معناها في حياتنا، ولا نعلمها فعلياً لطلاب مدارسنا لكي يشعروا بالجمال بشتى أصنافه، جمال الروح والمبلس والهيئة والسلوك والتعبير واللغة والأدب والتعامل، ولقد قيل إن الجمال يقود إلى الارتباط بخالق هذا الكون، وبينما القبح والاعتياد عليه يقود إلى الجريمة والمعاصي.
alhoshanei@hotmail.com