نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أعلن صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سعد بن عبد العزيز نائب أمير منطقة حائل الأسبوع الماضي انطلاقة مشروع الإستراتجية الوطنية للجودة وصولاً إلى عام 2020 والذي سبق وأن اعتبره خادم الحرمين الشريفين العام الذي فيه ستصبح منتجاتنا السعودية وخدمتنا الوطنية معياراً عالمياً للجودة والإتقان. وهذا يعني أن أمامنا سبع سنوات فقط لابد أن نكون جادين في تحقيق رؤية الملك هذه، وهذا طبعاً ليس بالأمر الهين بل يتطلب أمور عدة لعل من أهمها في نظري:
• القناعة الشخصية من قبل جميع شرائح المجتمع وطبقاته وأطيافه بأهمية الوصول للجودة والإتقان مهما كان الثمن، والتضحية بالمصالح الخاصة التي تتعارض والوصول للمعيارية العالمية التي يتطلع لها عبد الله بن عبد العزيز أمد الله في عمره.
• العمل الجاد والمنظم من أجل إتقان العمل، وهذا يستلزم من كل قطاع تنموي ومؤسسة حكومية أو خاصة أو أهلية التخطيط الدقيق والتوظيف الأمثل للقدرات والإمكانيات والمحاسبة والتغذية الراجعة والتطوير المستمر.
• الدعم والتشجيع والتحفيز وهذا يستلزم الاهتمام بالجوائز ذات الصلة بهذا المتطلب الديني والوطني والإنساني والاجتماعي والاقتصادي الهام.
• التنسيق والتعاون بين المؤسسات الإنتاجية والخدمية الحكومية منها والخاصة وبين الهيئات الوطنية المعنية بالجودة والمسئولة عن دعم ثقافتها وتقديم العون الفني لتلك المؤسسات المتمثل في تحديد مراحل إنجازها في الجودة وآفاق التطوير المدروس.
• وجود مراكز معلومات تعني بعمليات الرصد والتوثيق في كل مؤسسة صغيرة كانت أم كبيرة، إنتاجية كانت أم خدمية، حكومية أو أهلية، وتركز عميلات الرصد والتوثيق ليس فقط على الإيجابيات لدعمها وإنما الأهم رصد المشكلات التي تعيق التطوير سواء كان ذلك في المدخلات أو العمليات وخطوط الإنتاج أو في المخرجات ومدى قدرتها على المنافسة في البيئة المحلية أو الإقليمية والدولية.
• التخلي عن الثقافة اللفظية والتعبيرات المرسلة في وصف الأداء ليحل محلها الاحتكام إلى المعايير الاحترافية والمؤشرات الدقيقة المستندة إلى أدلة حقيقية وشواهد واقعية تصف طريق الممارسات الممنهجة لتحقيق الجودة وضمان تطبيقاتها وتأكيد إدارتها وبالأرقام التي لا تحابي أحداً ولا تخدع صناع القرار.
• تأسيس وترسيخ وتكريس الدراسات التشخيصية التي تتوافر فيها المنهجية العلمية للتقييم الذاتي لكل مؤسسة تقييماً يستند إلى التحليل الرباعي الذي يحدد بدقة ووعي التحديات الخارجية التي تعبر عن «المحيط الدولي»، والتحديات الداخلية في المؤسسة التي تحدد نقاط الضعف الواجب مواجهتها والقضاء عليها، واستخلاص نقاط القوة التي تتمتع بها المؤسسة لدعمها ومن ثم الفرص المتاحة الواجب استثمارها.
• أن تبنى دراسات التحسين على نتائج التقييم الذاتي لتراعي المعايير في تحديد مراحل التخطيط بمداه القصير والمتوسط وطويل الأجل، وإملاء الأهمية المناسبة للخطط التكتيكية أو التنفيذية المعنية بنجاح التطبيق وفعاليته في تحقيق الأهداف المرجوة.
• التوقع بقوة أن عمليات التقييم والمراجعة والتحسين المستمر قد تصطدم ببعض التعقيدات الإدارية واللوائح البيروقراطية ومن ثم يكن لدى المؤسسات والهيئات تصوراً واقعياً، ورؤية واضحة عن بعض متطلبات تعديل بنود اللائحة المعيقة لنظم الجودة الشاملة ضماناً وتأكيداً وإدارة.
على أن تضع في اعتبارها الترابط المباشر وغير المباشر بين مجال نشاطها وتقاطع ذلك مع الأنشطة المكونة للصورة الكاملة للمجتمع والدولة.
• ألا تقتصر الكيانات الوطنية المسئولة عن الجودة - كالهيئات القائمة وكذا ما سيشهد المستقبل القريب تأسيسه - ألا تقتصر على وجودها ونشاطها في العاصمة الرياض أو المناطق الكبيرة الأخرى كجدة والشرقية وإنما تؤسس لها فروعاً تتبعها في جل مناطق المملكة حتى لا تَحرم التفاوتات التنموية مناطق المملكة الأقل حظاً في اللحاق بركب سياق الجودة كإستراتيجية وطنية.
• أن تكون دوائر التركيز الأساسية الأولى في الجودة على «التعليم» الذي تمثل مخرجاته المدخلات الأساسية لكل المهن والقطاعات الإنتاجية والخدمية وتلك هي المعضلة المحورية والتحدي الأبرز لإستراتيجية الجودة الوطنية وهي مسألة أكبر من أن تختزل في مقال أو دراسة أو محفل أو مشروع وإنما تحتاج إلى حوار وطني واسع يشتمل على كل الأطراف المعنية والمسئولة والمهتمة والخبراء والحكماء وقادة الفكر وأصحاب الرأي وفي جميع مناطق المملكة بلا استثناء.
• ضبط المسميات التي ملأت العالم من حولنا، إذ إن هناك خبراء معتمدين من جهات رسمية ويتبعون مؤسسات تجارية لا هم لها إلا الربح وليس لهم من اسمهم نصيب، وهناك مدربين لم تتجاوز فترة تدريبهم أربع أو س ت ساعات، وهناك مروجين لبعض المعلبات المستعارة من التجارب والنماذج التي قد لا تتسق وطبيعة المرحلة التي نمر بها في مسيرة الجودة، وقد لا تصلح أساساً مع أنظمتنا وثقافتنا، وقد لا تواكب بيئة العمل بسلبياتها وإيجابياتها طبعاً، وقد تكون مستقرة في أدبيات الجودة لكنها ليست المدخل الصحيح في التوقيت الصحيح فلماذا لم ندرس ونشخص ونحلل ونختار، ونتعاون، ونتحاور، ونبلور ونرسم ونخطط وننفذ ونشرف ونتابع لتحقق الهدف.. هذا ما آمل أن يتم في إطار الإستراتيجية الوطنية للجودة.
دمتم بخير وإلى لقاء والسلام،،،