بالرغم من أن حكم القصاص المُنفذ بمواطن دين بقتل مواطن آخر قبل ثلاثين عاماً، قد استوفى ضماناته الشرعية ودرجاته القضائية كافة، وصدر الحكم من ثلاث درجات عبر ثلاثة من قضاة المحكمة الأولى وخمسة قضاة من المحكمة الثانية، ومثلهم من قضاة المحكمة الثالثة، إلا أن ثلة من الناس ما زالت تدّعي براءته والتعاطف معه بعد أن شهدت قضيته عدة تطورات، حيث تمت تبرئته من القتل العمد في بداية القضية، ثم رُوجعت المحكمة في أدلة مهمة فحكم على إثرها بالإدانة العمدية بالقتل، وكأن هؤلاء لم يدركوا أن القصاص حكم شرعي لا خيرة لأحد فيه إلا بعفو ولي الدم، ولا يحق لأحد الاعتراض على حكم الشرع، والقضاء لدينا - عادة - يتحوّط لقصاص الدماء.
والحق أنني لا أكاد أتبين سر التعاطف مع بعض المحكوم عليهم بالقصاص وليس كلهم برغم تطابق الجريمة! ولا أفهم سبباً لتلميع صورة بعض المجرمين ولا سيما ممن يتعمدون القتل! وبالمقابل لا يستنكر هؤلاء إقامة الحد على المقيمين حتى غير المسلمين ويرفضون تدخل ووساطة سفارات بلادهم بالرغم من تشابه الجريمة وتطابقها.
ولست أعلم دافعاً لاستخدام قنوات التواصل الاجتماعي (الواتس آب والتويتر) والصحف الإلكترونية لتنظيم (لوبي اعتراض) على بعض الأحكام الشرعية والتشكيك بها! وإظهار صور وأحاديث بعض المحكوم عليهم بالقصاص أو السجن عموماً، وهم يقرأون القرآن ويؤمون المصلين بالسجن، فضلاً عن شيوع مظاهر التدين والتقى والورع على من تطبق بحقهم الأحكام الشرعية، وقد يُخالفني البعض بدعوى التوبة والعودة لله، والواقع أن ذنوب الدماء لا تُرفع إلا بالقصاص أو العفو أو بدفع الدية! ولو كان غير ذلك لطبقت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة!
ويحسن بوزارة الثقافة والإعلام منع تلك المواقع والصحف الإلكترونية من دغدغة عواطف الناس واستدرار مشاعرهم لرفض الأحكام الصادرة من المحاكم أو التشكيك بها! وكذلك منعها من القيام بالدور التحريضي كمحاولة الضغط على المحاكم لتعزير بعض الشخصيات المثيرة للجدل بسبب تغريدات تافهة أو خارجة عن المألوف! برغم أنها لم تتسبب بهدر دماء أو عنف أو إخلال بأمن، وهي لا تعدو عن أفكار يحتاج مطلقوها للمناصحة والتوجيه فحسب.
والواقع أن الأحكام الشرعية الصادرة من القضاء بهذا الخصوص، سواء كانت قصاصاً على سفك دماء أو تعزيراً بسبب الإخلال بالأمن أو تهريب مخدرات، تستحق الإشادة لولا الإطالة بالجلسات وعدم حسمها، فضلاً عن التهاون والسماح بزواج المحكوم عليهم بالقتل، ومن ثم الإنجاب وهو معروف مصيره، ولو تم تأجيل أمر الزواج لحين الإفراج عنهم بالعفو أو الدية لكان أفضل حتى لا يُعاني أطفالهم مرارة فَقْد والدهم مهما كانت جريمته!.
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny