يحدث أن ترى في المعارض والمؤتمرات عملا خارج السياق العام يثير الانتباه، ويكون مجالا للاستغراب والسؤال. في حفل تخريج الطلاب السعوديين في كندا والمعرض المصاحب له معرض يوم المهنة التي شاركت فيه أكثر من (33) جهة حكومية ومؤسسات وشركات سعودية كبرى لاستقطاب الخريجين لفت الانتباه جناح المباحث العامة لازدحامه بالزوار والخريجين لتقديم طلبات العمل، وقد قدم المشرفون على الجناح أنفسهم أحسن تقديم من حيث الهيئة الشخصية والثقافة والمعلومات بالإضافة إلى الهدايا التي تحمل اسم وشعار المباحث العامة.

الاستغراب ينبع من عرض جهاز أمني وسري اتصف بالعمليات الخاصة والسرية والتصدي والبحث, عرض نفسه للجمهور علناً ولم تكن معتادة من الأجهزة الرقابية والسرية أن تعلن عن نفسها بهذه الصورة والواضح, فهناك علاقة غير توافقية في العالم وليس عربيا بين السلطة والمثقف وهذا إرث تاريخي طويل. يضاف إلى ذلك أن المعرض والمناسبة تعليمية وثقافية، لكننا بالمقابل نجد مبررات مهنية تطويرية وحق في تصحيح الصورة الذهنية وبصورة أدق بناء جديد لشخصية منشأة المباحث العامة لدي المتلقي والجمهور ومن تلك المبررات:

أولاً: من حق كل جهة تعمل -وخاصة حماية أمن الوطن - أن تعلن عن نفسها مثلها مثل: الحرس الوطني والدفاع وقوى الأمن،مكافحة المخدرات، المرور, الجوازات وحرس الحدود والشرط.

ثانيا: من حق المباحث العامة أن تسعى إلى استقطاب القدرات والكفاءات المتميزة في التخصص والثقافة واللغة لتطوير أجهزتها وأدائها.

ثالثا: تعمل العديد من الأجهزة على بناء شخصيتها لتكون فخر المواطن واعتزازه من أجل الانضمام إلى الأجهزة الرقابية, وفي تحسين صورة المباحث العامة كصديق للمواطن الذي يعمل على حمايته.

رابعا: وهو الأهم أن جهاز المباحث العامة كان له دور قيادي وفعال في دحر الإرهاب واستئصاله من بلادنا ومطاردة الارهابيين الذين سعوا إلى تدمير مكتسباتنا واقتصادنا وإشاعة الفوضى والتخريب بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م يحتاج منا كل الشكر والتقدير.

هذا أحد المبررات لكن هل كان تواجد المباحث العامة وحضوره بهذه الصورة موفقا وناجحا فهذا لا أحد يستطيع الحكم على تلك النتائج انطلاقا من أهمية وجود جهاز أمني في مثل هذه اللقاءات لاستقطاب الكفاءات ولكن ظهوره البارز وبهذه الصورة وبخاصة تكريمه ضمن الداعمين وحصوله على تهنئة من السفارة السعودية والملحقية في كندا قد يعطى إشارات غير دقيقة أن هذا المعرض يوم المهنية تحت مظلة جهاز أمني ورقابي وأن مشروع الابتعاث برمته تحت إشرافه... وحتى تكون الصورة واضحة ومعبرة فن برنامج الابتعاث مشروع وطني تعليمي ثقافي يهدف إلى تنويع مصادر التعليم والاستفادة من الجامعات الغربية والعالمية والاحتكاك الحضاري واكتساب مهارات تقنية وعلمية.