قائل عبارة (كنت رئيساً لمصر) كان فعلاً أول رئيس لجمهورية مصر العربية، وكان هذا عنوان الكتاب الذي أصدره في أواخر حياته، وهو اللواء محمد نجيب - رحمه الله - الذي اختير أول رئيس للجمهورية في أعقاب حركة الضباط الأحرار التي تكونت من داخل الجيش المصري وسميت فيما بعد ثورة 23 يوليو 1952م التي تولت تغيير نظام الحكم في مصر من الملكية إلى الجمهورية بخطوات تكتيكية، وكانت أول خطوة طلب تنازل الملك فاروق عن الحكم وتكليف اللواء محمد نجيب ورئيس الوزراء في ذلك الحين السيد علي ماهر بمقابلة الملك فاروق في قصره بالإسكندرية وإبلاغه أن الجيش في حالة من الاستياء من سوء الأوضاع في البلاد، وأن الجيش يدعم حركة الإصلاح، وتقتضي الضرورة ومصلحة البلاد العليا تنازل الملك فاروق عن الحكم، ويشكل مجلس وصاية إلى أن يبلغ ابن الملك (الطفل) في ذلك الحين سن الرشد. ويبدو أن الملك فاروق تفهم حقيقة الوضع السائد في البلاد واقتنع ووافق على توقيع قرار التنازل، وغادر البلاد بحراً إلى أوروبا وتم توديعه رسمياً في ميناء الاسكندرية، وسارت الأمور حسب الخطوات المرسومة من قبل الضباط الأحرار، وتكون ما أطلق عليه مجلس الثورة الذي عمد فيما بعد إلى حل مجلس الوصاية، وتغيير نظام الحكم الملكي إلى النظام الذي عمد فيما بعد إلى حل مجلس الوصاية، وتغيير نظام الحكم الملكي إلى النظام الجمهوري، واختير اللواء محمد نجيب عام 1953م رئيساً للجمهورية وحظي بالتقدير والاحترام في أوساط الشعب، ولكن الخلاف دب بين اللواء محمد نجيب وبعض أعضاء مجلس الثورة، وتطور الخلاف إلى حمل اللواء محمد نجيب على الاستقالة من جميع مناصبه، وحل محله جمال عبد الناصر رئيساً للجمهورية عام 1953م.
واللواء محمد نجيب من كبار ضباط الجيش المصري البارزين، وقد وردت ترجمة هذه الشخصية ضمن (موسوعة الـ1000 شخصية من الشرق والغرب) إعداد الأستاذ سليمان مصلح أبو عزب، ويستفاد من ذلك أن اللواء محمد نجيب أكمل تعليمه بالأكاديمية العسكرية بالقاهرة، وعمل ضابطاً بالجيش المصري وتولى مراكز قيادية في مديريتي سيناء والبحر الأحمر. وشارك في حرب فلسطين عام 1948م وأصيب بجراح في منطقة خان يونس وتولى قيادة اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار.. إلخ.
ويذكر الراحل السيد زكريا محيى الدين أحد أعضاء مجلس ثورة 23 يوليو 1952م في حديث له مع الكاتب الأستاذ فاروق جويدة أن الضباط الأحرار اختاروا اللواء محمد نجيب ليكون رئيساً لمجلس قيادة الثورة ورئاسة مجلس الوزراء ثم رئيساً للجمهورية لأنه الواجهة المناسبة فهو الأكبر رتبة وسناً.. إلخ.
وبعد إعفاء اللواء محمد نجيب من مناصبه القيادية ورئاسة الجمهورية فرضت عليه الإقامة الجبرية في استراحة خارج مدينة القاهرة، وفي أواخر حياته أصدر كتاباً بعنوان (كنت رئيساً لمصر) روى فيه ما أتيح له من معلومات عن فترة رئاسته للجمهورية، وما انتهت إليه من إجراءات قاسية، وتقييد لحريته الشخصية إلى نهاية حياته رحمه الله.