انتظرنا طويلاً صدور نظام شامل وصارم يجرم أصحاب الشهادات الوهمية والمزيفة، ويوقف عملية التلاعب بالألقاب العلمية، ويحفظ للعلم وأهله الذين أفنوا أعمارهم في الجد والاجتهاد حقوقهم ومكانتهم التي حط من قدرها الباحثون عن الألقاب السريعة والجاهزة دون حاجة لدراسة وتعب ووقت في زمن أصبح المال فيه متحكما رئيسا في مجريات الحياة، نظام يحمي المجتمع بمؤسساته ودور العلم فيه من تسلل الوهميين وهو اختراق سيؤدي على المدى الطويل لمضاعفات تنعكس على نوعية ما ينتجه المجتمع من موارد بشرية ستكون من نتاج هؤلاء وهي منتجات غيرصالحة لبناء وطن ينشد التقدم والتطور بعقول وأيدي من يملكون الأسلحة القوية لا بتلك الأيدي الضعيفة والخائرة.
مبادرة الأخ العزيز الدكتور موافق الرويلي عضو مجلس الشورى والتي قدمها للمجلس تحت مسمى “نظام الشهادات الوهمية” بعثت فينا أملاً جديداً بقرب إقرار النظام المنتظر، وخاصة أن هناك من دعم هذا النظام وسانده وصوت لصالحه إيمانا من جميع الشرفاء والمخلصين بضرورة حماية أبناء الوطن من آفات الغش والتزوير، ودرء أخطار المتسلقين من هواة “ الترزز” وطالبي الربح السريع تناغما مع العبارة الشهيرة “ربي ارزقني وعجل” حتى ولو كان هذا الرزق سيختطف من حلوق أصحاب الحقوق الشرعية.
وفي مطلع الأسبوع الماضي استبشرنا بتبني لجنة الشئون التعليمية بمجلس الشورى لنظام معدل من اقتراح الدكتور موافق تحت مسمى نظام توثيق ومعادلة الشهادات، وتقديمه للمجلس للتصويت عليه تمهيدا لرفعه للمقام السامي الكريم لإقراره وأمر الجهات المعنية بتنفيذ مضامينه.
النظام المعدل وفقا للزميل الدكتور أحمد آل مفرح رئيس لجنة الشئون التعليمية بالمجلس يحقق مطالب كثيرة من بينها عقوبات لحملة الشهادات الوهمية ممن استفادوا فعلياً من تلك الشهادات، ومن أبرز العقوبات حرمانهم من المزايا المالية والوظيفية التي حصلوا عليها عن طريق هذه الشهادات فضلا عن حرمانهم من المزايا التي نالوها من التأمينات الاجتماعية، وإسناد ملاحقة حملة الشهادات الوهمية إلى وزارة التعليم العالي بالتعاون مع وزارتي العمل والتجارة لمنعهم من ممارسة العمل كمدربين أو محامين.
ما ورد من عقوبات مقترحة جيد لكن مثل ما يقولون الزين ما يكمل فقد ختم النظام المقترح بعبارة تمنيت أنها لم ترد لأنها أفسدت كل مواد النظام. العبارة تقول “يستثنى من العقوبات من نالوا تلك الشهادات للوجاهة فقط” فمن هم الذين نالوها للوجاهة؟ دققوا في كلمة وجاهة جيدا ستجدون أنها مطاطة ويسهل تعويمها وقياس كثير من الحالات عليها وجعلها مخرجا لحالات كثير من الأحباب والأصدقاء والزملاء ومن يحرج منهم رؤساء اللجان وأعضاؤها، ثم إن نيل الشهادة للوجاهة تندرج على حالات لانهاية لها، فالمسئول الكبير ورجال الأعمال في القطاع الخاص من ملاك شركات ومؤسسات وجامعات ومدارس أهلية ومستشفيات وفنادق وقنوات فضائية ومؤسسات إعلامية إضافة لمقدمي البرامج الإعلامية ومفسري الأحلام والرقاة ومحللي البرامج الرياضية غالبيتهم يسعون للحصول على الشهادات الوهمية للوجاهة ولا يرجون من ورائها إلا الألقاب فمن بقي إذن؟
لم يبق إلا صغار الموظفين في القطاع الحكومي أو الخاص وهؤلاء ضعاف القوم ومقدور عليهم دون سن نظام، المبدأ يا جماعة الشورى واحد فمصدر هذه الشهادات فاسد ويجب إقفاله أمام الجميع ولا فرق بين وجاهة وغيرها أما نظام يولد قوي ويطبق على الجميع وإلا أريحوا واستريحوا!
Shlash2010@hotmail.comتويتر @abdulrahman_15