إذا ما مات ذو علم وفضل
فقد ثُلِمت من الإسلام ثلمه
وموت الحاكم العدل المولى
بحكم الشرع منقصة ونقمه
وموت فتى كثير الجود جدبٌ
فإن بقاءه خصب ونعمه
وموت الفارس الضرغام هدم
فكم شهِدت له بالنصر عزمه
وموت العابد القوام ليلاً
يناجي ربه في كل ظلمه
فحسبُك خمسة يبكى عليهم
وباقي الناس تخفيف ورحمه
وباقي الناس ذو همج رعاع
وفي إيجادهم لله حكمه!!!
فمجتمعنا بحمد الله غالبه - لا أقول كلّه ولكن جلّه - داخل في هؤلاء الخمسة الذين يبكى عليهم.. ولعلّي لا أبالغ إذا قلت إن كثيراً من مجتمعنا إن لم يدخل بهذه الصفات كلها فببعضها.. وليس بالضرورة أن يكون العالم يسامي (أبا حنيفة).. ولا الحاكم يضاهي (عمر)، ولا القائد يماثل (صلاح الدين)..!! فكل بحسبه، وكل ميسر لما خُلق له.
يقول العلماء: إن الرّجُل سمّي رجلاً لأنه يعتمد عليه، ويتكأ عليه، ويتحمل الأمور والمصاعب.. ولذلك سميت رِجْل الإنسان رِجلاً، لأنه يتكأ ويعتمد عليها!!.. لذا فرّق القرآن الكريم بين الرّجُل والذكر.. ففي مقام الرجولة والشهامة والاعتماد سمّاهم رجالا كقوله: {الرجال قوّامون على النساء}، أي قادة وأمراء ومديرون يأمرون وينهون.. فمن لم يكن كذلك فهو ذكر وليس برَجُل رجولة!! وكذلك وصفهم الوصف إيّاه لمّا لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.. أمّا الأمور التافهة السهلة فيكتفى بها بذكر الرجال باسم الذكورة لا الرجولة!! {للذكر مثل حظّ الانثيين}، وهكذا هو حال المجتمع، فيه ذكور، وفيه رجال.. وكل إناء بالذي فيه ينضح.. منهم من نظره في الثراء، ومنهم من نظره في الثريّا.. منهم من ترنو عيناه للعرش، وآخر تقصر همّته للفرش.. أحدٌ همّته تعانق السحاب، وآخر همّة في مسابح الأسماك!! {سالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبداً رابياً}، يستنشق الغيرة مع نفسه، ويشرب الحمية مع لبنه، يأمر وينهى، يشفع لهذا ويفزع لذاك، ويوجه هذا، ويساعد ذاك، يحل الحلال، ويحرم الحرام، قال الشافعي:
الناس يجمعهم شمل وبينهم
في العقل فرق وفي الآداب والحسب
والعود لو لم تطب منه روائحه
لم يفرق الناس بين العود والحطب!
وفي الختام فإنني أهيب بنفسي وبمجتمعي الكريم رجالاً ونساء أن ينفوا عن أنفسهم صفة (الهمج الرعاع الذين في إيجادهم لله حكمة) الواردة في البيت آنفاً.. بأن يكونوا مفاتيح للخير مغاليق للشر.. ولا أقل من أن يصطحب المرء بجواله جميع أرقام المصالح الحكومية؛ ليتواصل معها عند أي ملاحظة أو خلل كـ (الشرطة والبلدية والطوارئ والهيئة) وغيرها، فيبرئ ذمته أمام الله وأمام أمته وأمام مجتمعه وأمام ضميره، ولا يحتقر نفسه.. وقد تواصلت مع كثير من هذه الجهات التي لا تقل عن 40 جهة.. فوجدت تفاعلاً حيوياً بما لا يقل عن 80 %.. {ولا ينبئك مثل خبير}، وهذه والله حقيقة لا أجامل بها أحداً.. بل حتى لمّا أكتب في الجريدة انتقاداً لتقصير جهة حكومية ما أجدهم يتفاعلون ويتواصلون لإصلاح الخلل.. وكان آخرها تواصل مكتب معالي وزير الزراعة والكهرباء بناء على توجيهه لإصلاح خلل ما.. والسلام عليكم.
- محافظة رياض الخبراء