|
الخرطوم - خاص بـ(الجزيرة):
نوه فضيلة رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان الدكتور إسماعيل الماحي بالعناية التي أولتها المملكة العربية السعودية - بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - للإسلام والمسلمين، وخدمة ضيوف الرحمن، وتيسير أمورهم لأداء مناسك الحج والعمرة، منوها بالمشروعات المتواصلة التي تنفذ في مكة المكرمة ومنطقة المشاعر المقدسة والمدينة المنورة لهذه الغاية.
وقال في حديث لـ«الجزيرة»: إن خدمة المملكة العربية السعودية للإسلام والمسلمين ظاهرة، وهي تنبع من موقعها، وتنبع من اختيار الله - سبحانه وتعالى - للمملكة؛ لتكون راعية للحرمين الشريفين، ومن ثم راعية للإسلام عامة، ونحن كل ما نزور المملكة نجد التغير الإيجابي، والتطور والنماء والتنمية - والحمد الله تعالى أولا - في الحرمين الشريفين حيث أدينا فريضة الحج خلال العام الماضي, فوجدنا التطور الحادث، وهو يقوم على مبدأ التيسير ومبدأ التسهيل وخدمة الحجاج ومبدأ إراحة الحجاج وذلك من خلال التوسعات المستمرة, ومن ذلك توسعة المسعى حيث كان المسعى هاجساً للناس وللحجاج، والآن أصبح المسعى من أسهل الأمور - لله الحمد والمنة - اتساع بالعرض، واتساع رأسي من خلال الطوابق المختلفة، وسبقه جسر الجمرات العملاق الذي جعل رمي الجمرات أشبه بالنزهة - ولله الحمد والمنة - فهذه أعمال عظيمة جداً.
وأثنى فضيلته على التوسعات الجارية حالياً في الحرم المكي، توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، حيث: نتوقع أن تسهم هذه التوسعة إسهاماً عظيماً في التسهيل والتوسعة على ضيوف الرحمن، إذ يتضح فيها الرؤية المستقبلية؛ لأنها تنفذ وفق دراسات لمستوى تزايد الحجاج كل عام، والتوسعة الجديدة هذه سيكون لها أثر كبير جدا في التيسير على الحجاج والمعتمرين، إن شاء لله تعالى, منوهاً في ذات الشأن بالجهود التي تبذل من قبل القائمين بأمر الحج من الإرشاد ومن التوجيه، ومن الخدمات التي تقدم كذلك، وما تقوم به الجهات الأمنية من خدمة الحجيج والمعتمرين، مشيراً إلى أن بعض الحجاج ليس لديهم الوعي، وتزامن التوعية والتوجيه، ووضع الخطط لتغيير سلوك الحجاج هذه قضية عظيمة جدا.
وأشاد الدكتور الماحي بالنهضة التنموية الشاملة التي تعيشها المملكة، واستغلالها لمداخيلها الاقتصادية لهذه التنمية، وقال: نهنئ خادم الحرمين الشريفين، ونهنئ الحكومة السعودية، ونهنئ الشعب السعودي بهذه التنمية، والنمو الاقتصادي في وقت يعاني فيه العالم كله من أزمة اقتصادية ونرجو أن يكون هذا ونحسب انه من قول الله - تعالى - {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}، فالله - سبحانه وتعالى - يغدق على المؤمنين الخير والبركة في ظل طاعتهم لله، فالدعوة تنتشر في المجتمع في كل قطاعاته وسط المسلمين بالخير والبركة في ظل طاعتهم لله واقترابهم لله، سبحانه وتعالى.
زيارته ولقاءاته في المملكة
وفي حديثه عن زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، ولقائه كبار المسؤولين فيها، قال الدكتور اسماعيل الماحي: إن هذه الزيارة نوع من التواصل بين جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان والمملكة العربية السعودية وقيادتها، وولاة أمرها، وكانت لقاءاتنا متعددة، وفي مقدمتها مقابلة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد - والحمد لله - كان لقاء موفقا ومباركاً، وفيه تواصل كبير - بحمد الله تعالى - ورعاية للعمل الإسلامي والعمل الدعوي الخيري، وأيضا قابلنا عدداً من الشخصيات الكبيرة والعلماء، ومنهم سماحة المفتي العام، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وأيضاً معالي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور صالح الفوازان، كما قابلنا معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ وبحثنا معه في إطار العمل الدعوي.
وأضاف يقول: إن جماعة أنصار السنة المحمدية تدعو إلى الله - سبحانه وتعالى - على منهج أهل السنة والجماعة، ودائما نحن نزور المملكة العربية السعودية، ونلتقي معالي الوزير، ونستمع إلى توجيهاته ومقترحاته، ورؤيته - الحمد لله تعالى - رؤية واسعة، ورؤية كبيرة، وعرفناه بنشاط الجماعة خاصة بما يتعلق بالمعاهد الشرعية التي تتبناها الجماعة، وتشرف عليها في عدد من ولايات السودان، وهذه المعاهد يؤمها طلاب من داخل السودان، ومن إفريقيا ومن غيرها، وتكلمنا عن تطور هذه المعاهد لتكون جامعة إسلامية ـ بإذن الله تعالى ـ، وتحدثنا أيضا عن العمل الدعوي المباشر من خلال القوافل، والمعاهد، والدورات الشرعية والعلمية التي تقوم على أساس التنمية العلمية والعملية، وهذا هو شعارنا تنمية الفرد علميا وعمليا من خلال التربية الروحية، وخلال المعرفة والعلم، وتفاصيل العقيدة، وتفاصيل الفقه، وتأصيله، ومن خلال التدريب والتأهيل وتنمية المهارات للدعـاة إلى الله - سبحانه وتعالى - وللعاملين في حقل الدعوة، وتنمية المهارات الإعلامية، والمهارات الإدارية، ومهارات الاتصال وغيرها، وهذه كلها من همومنا، فوجدنا كل عناية من خلال ما عرضناه علي معالي الوزير، وطرح لنا توجيهات عظيمة تهم العمل الإسلامي عامة، وهي العناية بالعلم الشرعي، والعناية بالتأصيل العلمي، وبالعناية بالمحافظة على طريق ومنهج الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - وكان فيه وصية لنا ووصية إلى عامة الدعاة إلى الله أن يجتنبوا أي انحراف، وأي بعد عن المنهج المعتدل والمنهج الواضح، وأن يكون المنهج هو المحافظة على طريق الدعوة كما بينها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما سار عليها السلف الصالح، ولما يعرفه و يعلمه معالي الوزير عن جماعة أنصار السنة المحمدية وعلاقاته القديمة مع مشايخها أيضا، أكد على هذه المعاني وعلمهم ومعرفتهم بالمملكة بمسيرة الجماعة، واعتدالها ووضوح منهجها ومشاركتها الواسعة في المجتمع بالعمل الخيري، والعمل الإغاثي، وكفالة الأيتام، وكفالة الأرامل، وكل هذه المشروعات أطلعناه عليها، وأكد عليها والمحافظة عليها.
الشكر للمملكة قيادة وحكومة وشعباً
وواصل القول: نشكر الله - سبحانه وتعالى - وكل هؤلاء، ونشكر المملكة العربية السعودية على خدمة الإسلام والمسلمين، وعلى ما تقدمه من جهود، نحن في السودان يصلنا هذه الخير الكبير من جهود المملكة العربية السعودية في المشروعات الخيرية والمشروعات التنموية التي يصل خيرها لكل المواطنين في السودان، ولله الحمد والمنة، وهذا ليس فيه غرابة لما للسودان والمملكة العربية السعودية من صلات، ولعله من أهم ما يستفيد منه السودان هذا الوجود الكبير للمغتربين وهذه المجموعات هي تستفيد وأسرها تستفيد جانب التعليم وجانب التأهيل أيضا في المدخرات. وتحويلات المغتربين لها أثر تنموي كبير في رفع مستوى الأسر السودانية، كل هذا نشكر الله - سبحانه وتعالى - أولاً وأخيراً، ثم نشكر المملكة العربية السعودية إتاحتها وللمسلمين عامة وللسودانيين خاصة. حقيقة نحن ما وطأنا أرض المملكة العربية السعودية إلا وجدنا كل الأبواب مفتوحة، وكل الإدارات السعودية مفتوحة لنا، وتساعد في العمل الخيري والعمل العام، حتى في السودان سفارة المملكة العربية السعودية مفتوحة لنا في السودان، والملحقية الدينية السعودية في السودان مفتوحة لنا، كل هذه الإدارات مفتوحة للسودانيين عامة وهي تتعامل مع الجميع على قدم المساواة.
دور الجماعة في خدمة الإسلام
وفي جانب من حديثه تناول الدكتور إسماعيل الماحي الدور الذي قامت به الجماعة لخدمة الإسلام ونشر الدعوة الإسلامية الصحيحة قائلاً: الجماعة تقوم بالتعليم، وتهدف لتصحيح مفهوم الدين لدى عامة المسلمين، وتهدف لبث الإسلام في وسط غير المسلمين، وهذان الأمران يسيران معاً فالدعوة تنتشر في المجتمع في كل قطاعاته وسط المسلمين بالتوعية والإرشاد وبالحكمة والموعظة الحسنة من خلال الحلقات العلمية، والدروس المباشرة، والدروس الجماهيرية في الأسواق، والدورات العلمية، ومن خلال المساجد التي تبني - والحمد الله - الآن للجماعة أكثر من ألفي مسجد بنتها الجماعة في السودان، وهذه بفضل الله - سبحانه وتعالى - ثم بجهود محسنين من داخل السودان ومن خارجه، وجلها من المملكة العربية السعودية، وهذه المساجد تقوم عليها، وترعاها الجماعة من صيانتها، وترعى الإمامة فيها والجمعة والجماعة وترعى الدروس فيها، ليقوم المسجد بدوره الحقيقي، الدور المتكامل للمسجد، الدور العلمي، ودور العبادة والعلم والذكر، وأيضا الرعاية الاجتماعية والتواصل الاجتماعي والشورى فيه، والجماعة أنشأت خمسة معاهد شرعية لتخريج الدعاة، منها معهد متخصص في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، يؤمه طلاب من كل أفريقيا، ومن آسيا، ومن أوروبا، والحمد لله تعالى، الجماعة تقوم بالقوافل الدعوية باستمرار، الآن الجماعة لها ما يقارب المائة عام - ولله الحمد والمنة - سنويا تقوم بما لا يقل عن أربعين إلى خمسين قافلة دعوية، كل قافلة، قوامها سبعة دعاة ع لماء - على الأقل - لهم قدرة على الدعوة إلى الله يجوبون مناطق السودان المختلفة، بالإضافة إلى البرامج الموسمية. والبرامج الخيرية هذه أثرت في المجتمع السوداني في مجالات الأماكن التي يغيب فيها الإسلام ويغيب فيها الوعي التي كانت فيها الوثنية وفيها التنصير، والجماعة لها جهود كبيرة في جبال النوبة من القرن الماضي، والآن يوجد وعي كبير جدا للسنة في جبال النوبة والنيل الأزرق، ولنا مراكز في هذه الولايات - ولله الحمد -، ولنا عمل في جنوب السودان قبل انفصاله، وبعد انفصاله.
مع المؤسسات والمراكز
وعن التعاون بين الجماعة وغيرها من الجماعات والمؤسسات والمراكز الإسلامية الأخرى في عدد من البلدان العربية والإسلامية هنالك جماعة أنصار السنة المحمدية في مصر، وهي الأم، ونحن أخذنا الاسم، ولكن ليس بيننا أي نظام إداري أو ارتباط إداري، وإنما تبادل علمي، وعلماء مصر نأخذ منهم العلم، وهكذا هناك جماعات عديدة باسم أنصار السنة، أو يكون باسم آخر، وليس هناك ترابط إداري، ولكن فيه تعاون علمي، مثل تعاوننا مع علماء المملكة العربية السعودية نستفيد منهم الفتوى، ونستفيد منهم الكتب، ونستفيد منهم الاستفتاء في النوازل - الحمد لله تعالى - ومكتبات الجماعة مملوءة بكتب التراث المعروفة لعلماء المملكة. فهناك اتفاق - والحمد لله تعالى - في المنهج بين كل هذه الجماعات؛ لأن المشرب واحد، وهو الكتاب والسنة على فهم السلف الصالح.
الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
ورداً على سؤال ما السبيل الأمثل للحد من الإساءة لنبي الأمة ؟ وما الواجب أن تقوم به المؤسسات والجمعيات الإسلامية ؟ أجاب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان قائلاً :ً أهم ما يساهم في حماية جناب النبي صلى الله عليه وسلم وعدم الإساءة إليه أن يلتزم المسلمون بسنته صلى الله عليه وسلم وأن يلتزموا بأخلاقه، ويلتزموا بما جاء به من منهج، ويقدموه للعالم على أنه أخلاق تمشي، قال - تعالى -: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فالتأسي به هو التعظيم الحقيقي له، وهو المحافظة الحقيقية على منهجه وعلى ما جاء به، كما قال - تعالى -: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ} هذا أول شيء، وهو يعني تعريف العالم كل العالم بالفهم السليم للإسلام، وبالإسلام الواقعي الحقيقي، وبالتالي يقل عدد الذين يتكلمون عن الإسلام بغير علم، أما الأعداء الذين يعرفون حقيقية الرسول صلى الله عليه وسلم وحقيقة الإسلام، ثم يقصدون الطعن في الإسلام وفي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم فلن يجدوا حجة؛ لأن الغرب الآن يفتري كثيراً علينا، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم مع الإسلام، ولكن ربما يبنون على أخطاء أبناء المسلمين، مثل الآن ظاهرة العنف غير المبرر الذي يمارس الآن في كثير من البلدان باسم الإسلام، أو باسم الدعوة إلى الله، هذا يعود سلباً على الإسلام، فنحن إذا ذهبنا إلى بلاد الغرب أو بلاد الشرق أو غيرها علينا أن نحترم هذه البلاد، التي أدخلتنا، ونمارس فيها حياتنا طالما نحن عندنا حرية نمارس عباداتنا نمارس شعائرنا، ونقدم الصورة الحقيقية للمسلم الصادق من الالتزام بالمواعيد والأمانة، والأخلاق، والإتقان للعمل، والأداء الجيد له. هذه صورة حقيقية تقلل فرص الطعن في الإسلام، ثم الدفاع، وتبيين الإسلام ومحاسنه، وكله خير للإسلام، وعمل الدروس، والمحاضرات، والرسائل وهكذا، وإذا كانت الإساءة في بلد من البلدان غير الإسلامية نعطي المعلومات، ونزود المسلمين في هذا البلد، سواء كانوا من المواطنين الأصليين، أو من الجاليات، نزودهم بما يحتاجون من علوم شرعية ومن معلومات، ثم هم يخاطبون العقل الغربي؛ لأن المواطن الغربي له نمطية معينة، وله عقلية معينة قد لا نفهمها نحن في الشرق وأحياناً كثيرة تكون الإساءة غرضها الفوضى والثورة والانفعال غير المرشد حتى يقولوا: شوفوا المسلمين.
وواصل قائلاً: الآن في بعض البلدان يقوم بعض المسلمين للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن يعتدون على البعثات الدبلوماسية، وهذا لا يجوز، بل يجب أن تعبر عن رفضك وعن ردك لهذه الإساءة بصورة صحيحة حتى لا تعطي الآخر فرصة أن يطعن في الإسلام، أيضاً نقطة أخرى نتبع القانون الدولي والقانون المحلي والقوانين التي في البلاد المختلفة بالدفاع عن الإسلام وعن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن المسلمين بصورة قانونية وبصورة حسب ما هم يعقلون، وحسب ما وضع من أسس. بهذه الطريقة العقلانية والمنطقية ندافع بها، وهذه كلها - إن شاء الله تعالى - لا تزيد الإسلام إلا نصاعة، وقوة بإذن الله تعالى، وليس بجديد الطعن في نبي الإسلام وفي الإسلام فمنذ بعث النبي صلى الله عليه وسلم سبه المشركون وقالوا: ساحر، وقالوا: كاهن، وقالوا: مجنون، قال - تعالى -: {فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ}.
وختم الدكتور تصريحه قائلاً: كانت زيارتنا للمملكة موفقه ومباركة، ونحن نشكر الله - تعالى - عليها أولا، ثم نشكر مقام خادم الحرمين الشريفين حيث كانت الزيارة برعاية مباشرة وضيافة المراسم الملكية، وأتاحت لنا مقابلات قيمة كانت نتائجها مثمرة وبنَّاءة.