|
عن دار القاسم صدر كتاب (اهتمام المسلمين بالكتب) إعداد أ. منصور بن عبد الله المشوح. ويقول المؤلف: اهتم المسلمون العرب بالكتب، وأحبوها، واعتبروها كنزاً لهم وعزاً حتى فاقوا فيها الحضارات السابقة.
يقول ديورانت ول في كتابه قصة الحضارة: ولم يبلغ الشغف باقتناء الكتب في بلد من بلدان العالم اللهم إلا في بلاد الصين ما بلغه في بلاد الإسلام في القرون الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر.
وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد: أقبل الناس في البلدان العربية على اقتناء الكتب بلهفة متزايدة لم يعرف لها التاريخ من قبل مثيلاً.
ويقول ابن الجهم: من لم تكن نفقته على الكتب ألذ عنده من إنفاق عشاق القيان لم يبلغ في العلم مبلغاً رضيا.
وكان العلماء والأدباء يجدون لوماً على كثرة شرائهم للكتب، وقال أحدهم:
وقائلة أنفقت في الكتب ما حوت
يمينك من مال فقلت دعيني
لعلي أرى فيها كتاباً يدلني
لأخذ كتابي آمناً بيميني
ويتحدث أحمد أمين عن أحد بائعي الكتب ويقول: من طول ما مارس السوق كانت عنده فراسة قوية في المشترين. شاهدته مرة وقد جاء شيخ يسأل عن كتاب فقال له: ليس عندي والكتاب أمامه فعاتبته في ذلك، فعدا خلف الشيخ فناداه وعرض عليه الكتاب فأخذ الشيخ يماكس ويمارس ويطيل المماكسة ثم انصرف من غير أن يشتريه، فالتفت إلي، وقال: صدقت؟
ويقول المؤلف:
محبو الكتب قلما تغمض لهم عين أو يلذ لهم كرى، وكانوا لا ينامون إلا والكتب مضجعة معهم؛ لأنهم كانوا يقرؤون فيها قبل نومهم وعند الانتباه منه.
رُوي عن المأمون أنه كان ينام والدفاتر حول فراشه ينظر فيها متى انتبه من نومه وقبل أن ينام.
ويؤكد المؤلف أن هناك من العلماء والمثقفين من يمتنع عن إعارة الكتب؛ بسبب خوفهم عليها؛ فهي مستودع علمهم ومعارفهم ومنهل ثقافتهم، وهي أنسهم، وكثير من الناس لا يقدرون الكتاب حق قدره.
وقد تجلب الكتب لصاحبها آثاراً حميدة وفوائد جليلة.. قيل لبعضهم: من يؤنسك؟ فضرب بيده إلى كتبه وقال هذه. فقيل من الناس؟ فقال: الذين فيها.