كُنتُ قد بدأت الأسبوع الماضي في تحديد أسس أربعة تُعْنى بالتشخيص ووضع طُرق العلاج، عبر (رُوشتة) موجزة سريعة تحقَّق المراد بتقويم وإصلاح ما يمكن إصلاحه وتقويمه في شأن المنتخب السعودي الأول، وتحديدًا في هذه الفترة الزمنية التي تشكِّل للأخضر (أكون أو لا أكون) حقيقة لا شعار يردد؛ إِذْ إن خسارة التأهل لأمم آسيا إن حصلت -لا قدر الله- فستدخل الكرة السعوديَّة مرحلة (الموت السريري) لأكثر من خمسة أعوام قادمة، ولن يكونَ على المدى المنظور لاتحاد الكرة الجديد أيّ مُنجز دولي يُذكر وعندها حتمًا سيتفرغ ليكون اتحاد الأندية الكبار.
أربعة أسس أعيد الحديث عن مجملها بِشَكلٍّ سريعٍ موجزٍ، ثمَّ أعمد إلى إلقاء الضوء على الأساس الثاني لهذا الأسبوع، أربعة أسس إذا ما سارع اتحاد الكرة في إنجازها في سباقه الراهن مع الزمن، فلربما تجنَّب الكثير من المتاعب على مستوى المنتخب الأول وتباين عطاء لاعبيه بين النادي والمنتخب، عماد تلك الأسس تصاعديًا؛ اللاعب وهو: الركيزة الأساسيَّة في اللعبة، ثمَّ المؤسسة الرياضيَّة: وأعني بها اتحاد اللعبة، ثمَّ اللوائح والنظم: والمقصود بها سياسات وإجراءات العمل المنظم للعبة، أخيرًا وليس آخر.. الإعلام: باعتباره المحرك المؤثِّر في الجمهور واللاعبين والأندية والمؤسسة الرياضيَّة.
واليوم وقد بدأ بالأمس حصاد مشوار منتخبنا السعودي الأول آسيويًّا، رأيت أنَّه من المجدي تقديم الحديث عن (رابعة الأثافي) من الأسس الأربعة، وهو الإعلام، فقد يكون التوقيت للحديث عن (محور الإعلام) مصارحة ومكاشفة ووضع تصور بعد تشخيص واقعه، قد بجعل من الإعلام (عاملاً مساعدًا) إيجابيًّا في نتائج الأخضر وخصوصًا في هذه المرحلة البالغة الدِّقة.
فتجاوز منتخبنا الوطني للأدوار المؤهَّلة لخوض نهائيات أمم آسيا بعد أن أوقعته القرعة في ركاب مجموعة غاية في الحساسية من حيث قوة المنتخبين الصيني والعراقي واستعدادهما لخوض غمار نزال التأهل أمام منتخبنا الوطني وكذا المنتخب الإندونيسي، وجلُّ تلك المنتخبات وبخاصَّة الأول منها والثاني يحظيان بدعم إعلامي في بلديهما على مستوى عالٍ جدًا.
ليبقى الطَّرح الواضح والصريح بصراحة (بصريح العبارة) الذي أجزم بأنّه لن يُرضي الإعلام المرئي على وجه التحديد إِذْ إنني اعتبر على المدى القصير (اعتبره مرآة الإعلام).. صراحة تقول في حلّها السَّريع: رصد كل المخالفات والتجاوزات التي يقع فيها الإعلام المرئي ومحاسبة المسئولين، بحدٍّ يصل للإيقاف والتشهير كما حدث في الإعلام المقروء مؤخرًا، فضلاً عن تشكيل اتحاد إعلام رياضي يكون شراكة بين وزارة الإعلام والرئاسة العامَّة لرعاية الشباب وهيئة الصحفيين.. يُعلن عن الآلية لهذا الاتحاد على وجه السُّرعة فيما تبقى التفاصيل للقادم من الأيام.
وكلُّنا يعلم، بل ويدرك أهمية (توجيه الرأي العام) من خلال الإعلام المرئي أولاً، ولأن الطَّرح -كما أسلفت- يقوم على وصف دقيق لواقع الحال المؤثِّر في الأسس الأربعة التي أشرت إليها منذ الأسبوع الماضي في هذه المساحة من جهة، ومن جهة أخرى وجوب تحرّي الدِّقة في محاسبة كل من ينعم بحريَّة الإعلام وفق (سلطة الرابعة) حرية تهتم بتقديم عمل يليق بمنتخب وطن تناسى الإعلام -وتحديدًا المرئي منه- واجب الدَّعم وفلترة ما يُقال وما لا يُقال، إعلام بات يتحمل بعشوائيته الجزء الأكبر فيما حصل ويحصل من انتكاسات للمنتخب الوطني.
فضاء أضحى خراجه مقلقًا ومدمرًا لنفسيات لاعبي المنتخب ذوي الخبرة العريضة ناهيكم عن حديثي التجربة، ولكم كنت أتمنَّى على الكثير من معدي ومقدمي برامج (الشو والإثارة) أن يستمعوا لحديث القائد الكابتن أسامة هوساوي وهو يتحدث بحرقة في هذا الجانب في المعسكر الإعدادي لمواجهة المنتخب الصيني وكيف أن هذه البرامج (المفلوتة والمنفلتة) التي لم تجد من الرقابة ما يُحمى به (الأساس الأهمّ وهو اللاعب).
وما حصل في دورة الخليج مؤخرًا خيرُ شاهد على ضياع جهد الرِّجال بفضول أشباه الإعلاميين الذين تصدروا المشهد دون حسيب أو رقيب لما يقولون، ولتأثير كل ذلك في عطاء عناصر المنتخب وهم يؤدّون واجبًا وطنيًّا أحسَّ به الجميع وغفل عنه (إن جهلاً أو عمدًا) إعلام الشو والإثارة البليد.
قد يقول قائل: إن عناصر الأخضر يُفترض فيهم (الحرفية والمهنية) بحيث لا يسمعون ولا يلتفتون لما يقال عنهم، وهم من عصرتهم التجربة، وصقلتهم الاحترافية.. وهذا القول الإنشائي رصد خطأه الكبير على سبيل المثال مسئولو المنتخب اليوناني، حين قدَّموا رهانًا ناجحًا لمنتخب بلادهم وهو يحصد كأس الأمم الأوروبيَّة بالبرتغال عام 2004م حيث كان وما زال من ذلكم التاريخ ممنوع الحديث لأيِّ وسيلة إعلاميَّة بسلبية عن المنتخب الوطني بقرار جمهوري.. فحصد منتخب (ضعيف تاريخيًا) أقوى البطولات بعد كأس العالم.
لدينا في المملكة العربيَّة السعوديَّة من القنوات (السعوديَّة) التي تبثّ برامج رياضيَّة بجانب القناة الرياضيَّة السعوديَّة ما يكفي للإشارة إلى مثالبها بعيدًا عن نقد القنوات والبرامج الخليجيَّة الموجهة، التي لا نلوم ذلكم التوجُّه طالما شعارها (اللّي تَكْسَبُو ألعبُو) إذًا إن ما يُقدمه إعلامنا المرئي من ضياع وتشتيت كفيلٌ بلوم أنفسنا قبل الآخرين.. ولعلِّي لا أضيف جديدًا إذا ما قلت (انظر لمعد ومقدم البرنامج الرياضي من حيث المؤهل والاستحقاق لقيادة قمرة التوجيه)، لتعرف كم تعاني برامجنا وحصادها (المفلس).
ضربة حرة
إذا أوكلت الأمور لغير أهلها.. فانتظروا الكارثة..