أكد الدكتور خالد بن حسن التميمي أستاذ القياس والتقويم التربوي والنفسي المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز أن الحاجة لإنشاء هيئة تعنى بتقويم التعليم العام تنطلق من الحال الذي وصل إليه وضع التعليم العام في السعودية مقارنة مع الدول المتقدمة ودليل ذلك تدني مخرجاته في المجال التعليمي والتربوي والقيمي، مشيراً إلى أنه يعود الأمر في ذلك إلى أسباب متعددة تراكمت عبر العقود الماضية، ومنها الضبابية في فلسفة التعليم المتبعة، وقدم وضع وثيقة سياسة التعليم حيث لم يجرعليها تحديث منذ أكثر من أربعة وثلاثين عاماً مما جعلها غير متوافقة مع المعايير الدولية والتوجهات العامة للسياسات التعليمية، وعدم توافقها مع المستجدات والمتغيرات والتحديات التي طرأت على المجتمع السعودي، ناهيك عن التجاذبات الفكرية التي تقود السياسات العامة في الوزارة، إضافة إلى التأثير السلبي للبيروقراطية في اتخاذ القرارات المناسبة.
ومضى الدكتور خالد للقول: لقد تلقى المجتمع خبر صدور قرار مجلس الوزراء بإنشاء هيئة تقويم التعليم العام بسعادة بالغة جداً لما تضمنه الخبر من منح الهيئة مهام وصلاحيات مهمة جداً يتوقع أن تنعكس بمشية الله تعالى بالإيجاب نحو إصلاح التعليم العام في المملكة، ومن أعظم مميزات الهيئة ارتباطها مباشرة برئيس مجلس الوزراء الأمر الذي يتوقع أن يمنحها القوة في تحقيق المهام الجسام المنوطة بها، وإذا ما تم بالفعل منح الهيئة كافة الصلاحيات في عملية المحاسبة والمساءلة فأتوقع في السنوات القادمة حدوث تغيير جذري في فلسفة التعليم والسياسات العامة والخطة الإسترتيجية للوزارة، فالمعوقات المختلفة التي تواجهها وزارة التربية والتعليم والتي كبّلت مفاصلها على مدى العقود الماضية أثرت سلباً على مسيرتها في عمليتي تطوير وإصلاح التعليم العام.
وأضاف الدكتور التميمي: لقد تضمن القرار مهام وصلاحيات رئيسه من أهمها: بناء نظام للتقويم يتضمن من ناحية بناء معايير ومؤشرات أساسية خاصة بجميع مكونات نظام التعليم تبدأ بوزارة التربية والتعليم والمعلم والمبنى المدرسي والطالب وتنتهي بالمناهج الدراسية، كما تضمن القرار من ناحية أخرى التحقق من توافر المعايير والمحكات والمؤشرات في مكونات نظام التعليم المختلفة، وفي هذا الشأن هناك تجارب كثيرة في الدول المتقدمة، ومنها على سبيل المثال المملكة المتحدة، حيث تسند عملية تقويم أداء المدارس ومساعدتها في تطبيق المعايير والوصول إلى مستويات عليا في الجودة تسند إلى هيئة مستقلة تتبع مباشرة لملكة بريطانيا تعرف هذه الهيئة باسم مكتب المعايير في التربية (OFSTED). وهناك تجربة في السعودية مستنسخة من نظام الأوفستد البريطاني تعرف بنظام التقويم الشامل للمدرسة تابع لوزارة التربية والتعليم لكنه هذا النظام كان يفتقد مع الأسف لعنصري الاستقلالية والصلاحيات، وبالرغم من ذلك فقد شخصت فرق التقويم الشامل العاملة في إدارات التربية والتعليم في السعودية من خلال زياراتها الميدانية شخصت الكثير من جوانب الضعف وجوانب القوة على مستوى كل مدرسة من مدارس التعليم العام الحكومي والأهلي في السعودية، لكنه مع الأسف الشديد لم يلتفت لنتائج تقاريرها، وتم وأد إدارتها دون سابق إنذار ودون ذكر للأسباب وتم إحلال نظام تقويمي آخر يعرف بإدارة الجودة الشاملة وذلك على الرغم من الجهود والإمكانات البشرية والمادية الضخمة التي بذلت في بناء وتصميم وتطوير نظام وفرق التقويم الشامل..
وخلص عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز للقول: في الواقع المشكلة لاتقع في نوع نموذج تقويم أداء المدارس المستخدم فسواء تم الاعتماد على نظام الأوفستد أو الاعتماد المدرسي أو نظام الجودة الشاملة فالمهم هو هل لدى الوزارة القدرة على تنفيذ توصيات نتائج التقويم أم لا.
مضيفاً: ومن مهام الهيئة التي أشار القرار إليها أيضاً تقويم تحصيل الطلاب بناء على اختبارات وطنية مقننة في المواد الدراسية الأساسية للتأكد من تحقيق الطلاب للمستويات والمعايير المحددة ومتابعة تقدم التعليم من خلال إجراء مقارنات بين مستويات تحصيل الطلاب على مستوى المواد أو المدارس أو المحافظات أو المناطق وتشخيص نقاط القوة ونقاط الضعف، الأمر الذي يفيد في تقديم تغذية راجعة للوزارة باختلاف وكالاتها وإداراتها المعنية لوضع خطط علاجية لجوانب الضعف وتعزيز جوانب القوة وتزويد الإدارات التعليمية ومن ثم المشرفين والمدارس والمعلمين بهذه المعلومات للتركيز عليها أثناء عملية التدريس واستخدام طرائق التدريس المناسبة، كما يمكن الإفادة من التغذية الراجعة في تزويد أولياء أمور الطلاب بمعلومات دقيقة مبنية على أسس علمية عن تطور أبنائهم في المهارات والمعارف التي اكتسبوها خلال العام الدراسي واقترح بناء هذه الاختبارات الوطنية من خلال التعاون مع المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي والاستفادة من خبراته المختلفة في بناء اختبارات معيارية أو محكية المرجع، أو من خلال الاستعانة بالهيئات العالمية المتخصصة في مجال الاختبارات مثل مؤسسة خدمات الاختبارات التربوية (ETS) أو مؤسسة ماكجروهل (CTB) وقد شاركت السعودية في عدد من الاختبارات الدولية التشخيصية خلال الفترة الماضية أذكر منها مسابقة الدراسات الدولية للعلوم والرياضيات (TIMMS)، واختبار التقدم في القراءة (PIRLS)، حيث حصل طلابنا مع الأسف على مراتب متأخرة في التصنيف الدولي، إضافة إلى أن متوسط درجات طلاب المرحلة الثانوية (65 درجة) في اختبار القدرات العامة يعد متدنياً الأمر الذي يتطلب وقفة صادقة لمناقشة الأسباب الرئيسة التي أدت إلى هذه النتائج.