وأنا أتابع تويتر، أتوقف طويلاً عند خيارات الناس في المتابعة، فبعض النجوم الجدد خرجوا من اللا مكان، إلى حيث الشهرة والأضواء، مع أن طرحهم الفكري لا يرقى لذلك؛ بل إن بعضهم يطرح نفسه تحت مسمى «ناشط اجتماعي»، وهو ربما لا يعرف تفاصيل هذا النشاط ولا استحقاقاته، وبعضهم يطلق على نفسه وصف المحامي، مع أن تخصصه في التاريخ، أو الجغرافيا، ولا أحد يتوقف ليسأل هذا المحامي المزيف، فما يهم هو أنه مثير وحسب، وكأنهم يسيرون - المغرد والمتابع معاً - على طريقة «لا تدقق»، ومثل هؤلاء من يفتي، وهو أبعد الناس عن الأمور الشرعية، ثم يأتي على رأس هؤلاء كبار المنظرين في كل شأن وقضية، فما هي يا ترى جذور كل ذلك؟
في تقديري أن لكل عصر إفرازاته، فعندما تتابع الحراك الاجتماعي العام حالياً، تلحظ اختلال الميزان بسهولة، فالإنسان المؤهل يكون مهمشاً، وبالتالي صامتاً في كثير من الأحيان، أما الصف الأمامي فهو لمن هو دون ذلك، وقد اعتاد الناس على هذا حتى أصبح واقعاً ملموساً، وبالتالي فإن وسائل التواصل الاجتماعي تعكس ذلك بوضوح شديد، أي أنها تكون صورة مصغرة للحراك الاجتماعي العام وإفرازاته، وعلى من أراد أن يتأكد من ذلك أن يتابع بعين الناقد ما يدور في «تويتر»، خصوصا ما يتعلق ببعض النجوم الجدد.
ودعونا نأخذ مثالاً آخراً من خارج الحدود، فإفرازات المجتمع المصري من العشرينات حتى الستينات الميلادية، كانت صورة لما كان عليه المجتمع الراقي، والمستقر آنذاك، فقد ظهرت أسماء خلدها التاريخ، كطه حسين، وعباس محمود العقاد، ومحمود المازني، وغيرهم كثير في مجالات الفكر، والفن بكل أشكاله، ثم تغير المجتمع بعد الثورات التي أتت بالعسكر في الخمسينات، فتغيرت بالتالي إفرازات المجتمع، ويستغرب الإنسان أن يعقم المجتمع الذي أفرز تلك الشخصيات المؤثرة على مستوى العالم العربي، بل العالم أجمع عن صنع أشباه لهم. هذا، على الرغم من التطورات الهائلة التي شهدها المجتمع العربي خلال العقود القليلة الماضية، ما يؤكد أن إفرازات المجتمع هي انعكاس لحالته في كل زمان ومكان.
وعودا إلى بعض نجوم تويتر الجدد هنا، نتساءل عما إن كان حالهم، وحال أتباعهم سيستمر كما هو حاليا، أم أن وضعهم، ووضع «تويتر» برمته سيتغير في قادم الأيام، فالمؤكد أنهم هم العنوان الرئيس لمرحلتنا الراهنة، والتي اختلت فيها الموازين بشكل لا تخطئه العين.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2