لا شك أن الإنسان في حياته كلها يود أن تكون قراراته صحيحة وطريقه خالٍ من العقبات.. إلا أن الأمر مجرد أمنية تحتاج الكثير لتكون واقعاً من حيث الإقدام رغم ضبابية النتائج.. وهي نسبية بحسب توفر المعلومات.. والجهد المبذول لتقصي الحقائق والقدرة على التنبؤ.. ومن أراد تحقيق المرور دون عوائق بمعية يقين لا يخالجه الشك.. فعليه أن يكبر وسادته ويغط في أحلام اليقظة.
ما ذكرته ليس بجديد.. لكن هو مجرد تمهيد لنتحدث عمن يسير وهو مغمض البصر والبصيرة.. وحياته قصة قصيرة أسمها “ع.. البركة”!
النباهة واليقظة ليست سمة يتمتع بها إنسان عن إنسان فقط.. إنما هي ضرورة ملحة يحتاجها الإنسان في خطواته نحو ما يريده وما لا يريده.. فلكل طريق مؤشرات تومض بين الحين والحين لتخبرك أنك في الطريق الصحيح أو أنك تسير بلا هدى.. أو تتجه نحو الهاوية مباشرة.
مؤشرات الطريق تخبرك الكثير.. إن كان كل شيء يسير على ما يرام أم أن هناك خطأ ما.. عقلك إذا دربته على ذلك فإنه إذا لاحظ أمراً ما غير المعتاد سيخبرك عن طريق إحساس أنك لست مرتاحاً.. كأن شيء ناقص أو خطأ أو شعور خفي بالخطر.. هنا لاحظ حولك سترى مالم تراه.. فالمصائب في غالبها لا تأتي بغتة.. والمرض كذلك.. والخذلان.. والخيانة.. والإدمان.. والقطيعة.. والطلاق....إلخ.. إنما تأتي بتسلسل منطقي تغيب عنا أسبابه.
كذلك النجاح والصحة والأرباح والحب والوفاء والصلاح.. وأغلب الأمور الجميلة.. لذا فالمؤشر قد يقول لك احذر.. أو يقول امض.. أو تمهل.. أو لاحظ وانظر.. أو توقف وغير مسارك.
ولو استعرضت نتيجة مخيبة لأملك.. ستجد أن العلامات التي تحذرك كانت تصرخ بك وتتوسل الانتباه لكنك أغفلتها.. إما لحسن النية.. أو الخوف من مقابلة الحقيقة.. أو أجلت البت فيها حتى باغتك الطوفان.. وهذا ينطبق على الكوارث التي نقف أمامها موقف الذهول والعجز.. حيث الفوضى وضياع صوت المرشد بين ضجيج الاستغاثة والرعب.
وبقاء الحال على نفس الوتيرة لفترة طويلة مؤشر من نوع آخر.. يقودنا مباشرة إلى ضرورة التطوير والتغير.. وليس دليلاً على أن الوضع جيد.. إنما هو يقول صراحة أنه جامد ومتوقف حيث حبسه الروتين.. والعالم من حوله يمضي بخطوات واسعة.
لذا فتش في حالك.. وانبش أمورك العالقة.. وتفقد علاقاتك.. وتأمل في بيتك وشريك حياتك وأبنائك.. وابحث عن المؤشر قبل أن يجدك.. لأنه حينما يفرض نفسه.. فهو يعني أن الخطر أقرب مما تتخيل.. أو أن الفرصة تفلت من يدك وتعلن الرحيل.
بالطبع لست أدعو إلى حياة معقدة يكتنفها التوجس.. إنما النية ليست كافية وهي اختصاص رباني لا شأن لأحد بها.. والحياة فرص تعرض نفسها على الجميع.. ويحصل عليها المبادر والشجاع.
amal.f33@hotmail.com