|
الجزيرة - هبة اليوسف:
أوصى ملتقى تحولات العصر الرقمي وآثارها على اللُّغة العربيَّة التي نظمها كرسي بحث صحيفة «الجزيرة» للدِّراسات اللغوية الحديثة بجامعة الأميرة نورة بضرورة التَّعامل الجادّ للحفاظ على اللغة العربية عبر الإعلام الجديد ودعا إلى إنشاء بنك إلكتروني عربي موحد للمصطلحات التقنيَّة والعلميَّة وشدَّد على اهمية تعريب المصطلحات الرقمية تعريبًا يناسب الأذواق.
وكان الملتقى قد استهل بيانه الختامي بمقدمة جاء فيها:
أثرت تحولات العصر الرقمي على مناحي الحياة المختلفة، وثقافة الشُّعوب العربيَّة، التي تُعدُّ اللُّغة العربيَّة أساس هويتها.
ومما لا شكَّ فيه أن هذا التأثير سلاح ذو حدين، وذلك بحسب وعي الجمهور؛ فهو ميزة كبيرة تتيح الإبداع اللّغوي والأدبي، وتذلل كل عقبات الوصول للمعلومة، وعثرات نشرها وتداولها، وهو في الوقت نفسه مظنة ضعف ومعول هدم في ظلِّ غياب كثير من القيم الأصيلة لدى سوادٍ من المنتمين للعالم الرقمي.
ومهما حاول المعنيون ردم الهوَّة بين اللُّغة المكتوبة في النصوص الراقية ولغة الخطاب المتداولة في وسائل التواصل المختلفة فلن يكون هناك حلٌّ جذريٌّ لهذه المشكلة؛ لأنّها ليست أزمة لغة بقدر ما أزمة ثقافة مجتمعية لها أبعادها المختلفة.
ولكن حتمًا هناك العديد من الحلول التي تحدُّ من تفاقم هذه المشكلة وتقلصها بِشَكلٍّ كبيرٍ. وسعيًا للوقوف على هذه الحلول كان ملتقى تحوّلات العصر الرقمي وآثارها على اللُّغة العربيَّة. وباسم كل طالب علم ومهتم بهذا الشأن نشكر كرسي بحث صحيفة «الجزيرة» للدِّراسات اللّغوية الحديثة لجهوده الدءوبة في هذا المجال.
عقب ذلك تلت كلٌ من د.خولة الموسى و أ.نجوى اللافي التوصيات التي خلص إليها هذا الملتقى:
* لاحظ الملتقى الصُّعوبات التي تواجه اللُّغة العربيَّة في عصر الرقمنة؛ لذلك يَرَى أن الإعلام الجديد ينبغي التَّعامل معه بجدية للحفاظ على سلامة اللُّغة، وأن نأخذ من هذا الإعلام الجوانب المضيئة، ونواجه الجوانب الأخرى المسيئة للُّغة من عربزة ودخيل بعدم التخلي عن حرفنا العربي، واستخدامنا للُّغة العربيَّة الفصيحة السهلة.
* حثّ المجامع اللُّغوية على الممازجة بين التقنيَّة والبحوث اللُّغوية ذات الصلة، مع ضرورة إنشاء بنك إلكتروني عربي موحد للمصطلحات التقنيَّة والعلميَّة وتوصيفها توصيفًا دقيقًا لتجنب سوء الفهم.
* يحثّ الملتقى الجهات المعنية باللُّغة العربيَّة كمركز الملك عبد الله الدَّوْلي لخدمة اللُّغة العربيَّة ومركز الملك عبد الله للترجمة ومكتبة الملك عبد العزيز ومكتبة الملك فهد الوطنيَّة ومؤسسة الملك فيصل الخيريَّة إصدار إنتاجها الفكري التراثي القديم على هيئة كتب إلكترونية متاحة للجميع.
كما يشجَّع الملتقى الجهات المعنية بحوسبة اللُّغة على ردم الفجوة في المجتمع العربي وذلك بالاعتماد على حوسبة اللُّغة العربيَّة وتحليلها وتطوير محركات البحث.
* يوصي الملتقى بتعريب المصطلحات الرقمية تعريبًا يناسب الأذواق ولا يبتعد كثيرًا عن المصطلح الأصلي، وضرورة حثّ المتخصصين من اللُّغويين على إيجاد اختصارات عربيَّة مقبولة لبعض الكلمات الشائعة والجمل المتداولة بكثرة في وسائل الاتِّصال الرقمي بدلاً من ارتجالها من قبل الهواة والمستخدمين لهذه المواقع، وذلك سيرًا على خطى القدماء من العرب حين لجؤوا إلى نحت الجمل كثيرة الدوران في اللُّغة تسهيلاً واختصارًا.
* أظهرت الطَّفْرة الرقمية في الإعلام مواهب كانت موءودة تحتاج إلى مساحة من حرية التَّعْبير بعيدًا عن البيروقراطية وتشدَّد النشر في المؤسسات الإعلاميَّة الكبرى؛ لذلك يَرَى الملتقى أهمية تبني واحتواء مثل هذه المواهب وصقلها للإفادة منها في نشر ثقافتنا الأصيلة؛ لما تتمتع به من انتشار وجماهيرية عالية بين الشباب.
* لاحظ الملتقى التأثير السلبي لبعض وسائل التواصل الاجتماعي الرقمية على الذوق العام اللُّغوي؛ حيث لم يعد المُتلقِّي يميّز الأخطاء اللُّغوية والإملائية فيما يعرض عليه من محتوى؛ لذلك يشدد على ضرورة السعي لتنمية المهارات اللُّغوية والأدبيَّة لدى الطُّلاب والطَّالبات في كافة المراحل التعليميَّة بتشجيع المسابقات المتخصصة في الإبداع الأدبي والتلخيص والإلقاء والإنشاد وغيرها...
* ضرورة تعاون الجهات الرسمية المعنية باللُّغة العربيَّة لتبني مشروعات بحثية مشتركة لرصد أكثر الأخطاء الشائعة في الإعلام الرقمي؛ مما يمهد التركيز عليها وإيجاد الحلول الناجعة لها، ونشر ثقافة تصحيحها، فالكلُّ معنيٌّ بحفظ اللُّغة.
* تشجيع المشتغلين بالصحافة والإعلام الرقمي على حضور ورش عمل ودورات لرفع مهاراتهم في الكتابة، وتحسين أدائهم اللغوي.
الإفادة من التفاعل الجماهيري لما يعرض إلكترونيًّا؛ وذلك بحثِّ المتخصصين على نشر إنتاجهم الأدبي مهما طال أو قصر على مثل هذه الوسائل رفعًا للذوق العام.
* إضافة مناهج تفاعلية في الخطط الدراسية للتعليم العالي لتدريب الطُّلاب والطَّالبات على التفاعل النوعي والمفيد وإكسابهم مهارة غربلة المعروضات والمنشورات الرقمية.
* استحداث مناهج دراسية للناشئة توظف التقنيَّة لخدمة اللُّغة العربيَّة، وتُعْنى بتعريف النَّشءِ بالمصطلحات العربيَّة الجديدة المقابلة للمصطلحات الدخيلة والأجنبية المنتشرة بين الناشئة.
* يرى الملتقى أن تأسيس الفهرس العربي الموحد من قبل مكتبة الملك عبد العزيز بادرة طيبة وجهد جدير بالشكر، ويتمنى للمكتبة التوفيق وتطوير جهودها في رقمنة التراث العربي الأصيل.
* يحثّ الملتقى جامعة الأميرة نورة على تبني مشروعات بحثية تخدم اللُّغة ومنها:
- إنشاء مدرسة ابتدائية تجريبية للبنات، تقوم على تدريس العلوم جميعها بالفصحى، بحيث تكون هذه المدرسة نواة مركز بحثي لغوي مصغر، وتكون هذه المدرسة على مصالحة مع التقنيَّة لا على مفارقة مع محتواها، مستفيدة من تطبيقات سابقة في بعض الدول ومن تجارب معروفة في العالم العربي كتجربة د.عبد الله الدنان في ذلك.
- إنتاج برنامج تلفزيوني تربوي يقدم العلوم والمخترعات الجديدة ويشرح التقنيَّة للناشئة بلسان عربي مبين، وذلك لِردْم الهوَّة بين الجيل الجديد واللُّغة العربيَّة الأصيلة.
وقدَّمت لجنة التوصيات كرسي بحث صحيفة «الجزيرة» للدِّراسات اللُّغوية الحديثة شكرها إلى أستاذة الكرسي د.نوال الثنيان، ووكيلتها الأستاذة رائدة المالكي ولجان الملتقى المختلفة، والأساتذة المشاركين في هذا الملتقى. كما تشكر اللَّجْنة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، والدكتور طلبة عبد الستار لرفعهما بعض التوصيات للجنة.
وتأمل اللَّجْنة أن تنقل هذه التوصيات من حيز التنظير إلى نطاق التطبيق على أرض الواقع.