نحن جيل النهايات.. وكما أننا شهدنا نهاية دولة الاتحاد السوفيتي، وجدار برلين.. والقرن العشرين الميلادي.. ودولة البعث في العراق، ونهاية دولة معمر القذافي في ليبيا.. وبن علي في تونس.. وحسني مبارك في مصر، وعلي عبدالله صالح في اليمن، فإنني أعتقد أن جيلنا قد يشهد نهايات عدة من بينها:
* نهاية بعض الإمبراطوريات القائمة والقوى المهيمنة ليحل محلها قوى جديدة برؤى مغايرة.
* نهاية عدد من اللغات التي يتخاطب ويكتب بها جمع من بني آدم في هذا البلد أو ذاك.
* نهاية الورق فالصحف والكتب والمخاطبات والمعاملات والعقود والتعاملات ستكون بالكامل إلكترونية.
* نهاية القلم إذ لا حاجة له في ظل وجود التقنية الحديثة التي هي نتاج ثورة عالمية هائلة تفوق الثورة الصناعية في آثارها وشمولها وتعدد أوجه الاستفادة منها.
* نهاية بطاقة صعود الطائرة، وهذا قريب، بل إن البعض منها بدأ يعرض على موظف الخطوط شاشة جواله ليتعرف على ماهية رحلته وكم رقم كرسيه في الطائرة.
* نهاية المفتاح سواء أكان للسيارة أو البيت أو المكتب أو الغرفة أو صندوق الأمانات أو... فالريمونت كنترول هو سيد الموقف.
* نهاية المدرسة التقليدية القائمة على الفصل المعروف، والمعلم الملقي/ الملقن، والكتاب المحدد للمنهج.. والطالب المستمع/ المتلقي.. والإشراف التربوي المتابع والمفتش والمقيم.. في ظل وجود التعليم عن بُعد ومشاركة الطالب أستاذه في الوصول للمعلومة، والتفكر بها، ومناقشتها، والحوار حولها، وعدم الاقتصار حين قيام عملية التعلم على ما هو موجود بين دفتي الكتاب المدرسي.
* نهاية الحفظ والتوسع في الفهم القائم على ملكة التفكيك والتحليل والقدرة على الربط بين الأحداث والمعلومات ومن ثم الاستبصار والخلوص إلى التوصيات والنتائج.
* نهاية عملية البيع التقليدية والاعتماد على الخدمة الذاتية، ومن سافر إلى كثير من بلاد الغرب شاهد شيئاً من هذا في بعض المحلات التجارية خاصة السوبر ماركت.
* نهاية العملات الورقية في ظل التوسع باستخدام البطاقات الإلكترونية.
* نهاية دفتر التحضير الذي حتى الآن لا أعلم سر المحافظة على وجوده وإطالة أيامه وسنواته، مع أنني على يقين من أن عمره الافتراضي قد انتهى منذ زمن.
* نهاية قوامة الرجل على المرأة حسب المفهوم الاجتماعي لا الديني في عدد من المجتمعات العربية.. وتدخل هيئات الحقوق العالمية في علاقة الإنسان بزوجته وولده ووالده.
* نهاية المدير والبحث عن القائد في مؤسساتنا الحكومية والخاصة وموت النمط الإداري البيروقراطي السائد والتوسع في النظام الديمقراطي.
* نهاية المثقف الشمولي والانكفاء على التخصص وميلاد الثقافات التخصصية بشكل جديد ومختلف عما هو موجود.
* نهاية الطبقة الوسطى في كثير من المجتمعات خاصة الخليجية.
* نهاية توقيع الحضور والانصراف وتقييم الموظف على الإنتاجية الفعلية.
* نهاية الأيديولوجيات القديمة الراسخة والمواءمة أو المقاربة التي تنتج توجهات جديدة.
* نهاية الاقتصاديات التقليدية وإبداع آليات جديدة لمنتجات جديدة مدعومة بدعم إعلامي يحتوي ويسيطر على مشارق الأرض ومغاربها.
* نهاية الاعتقاد بالاعتماد الكامل على التوظيف الحكومي مهما كان المستوى التعليمي والمهاري ليحل محله طرق التطوير الذاتي والمنافسة لدخول سوق العمل.
* نهاية موضوعية الإعلام واكتفائه بنقل الخبر إلى دور إعلامي جديد لصياغة الوعي وبناء الاتجاهات وتغيير المفاهيم.
* نهاية دور الحدود الطبيعية في الفصل بين الدول والمجتمعات ثقافياً وفكرياً.
أتمنى نهاية سعيدة لهذا الجيل المخضرم الذي عاش ميلاد الثورة التقنية وكانت حياته بين مد وجزر، وأسأل الله حياة أسعد للجيل القادم، ودمتم بخير وإلى لقاء والسلام.