لم يخطر على بالي مثل غيري من ملايين المراجعين لمختلف الدوائر الحكومية، أن أدخل إحداها وأجد سلات الحلوى على منصات المراجعين، ومدخنة البخور يتصاعد منها دخان العود الطيب الرائحة، وشاشة تلفزيون أمام مقاعد المراجعين للترفيه عنهم وتخفيف وقت الانتظار القصير أصلا، كل هذا والأجمل منه ابتسامات الموظفين ولباقة الأسلوب وحسن الاستقبال لأي مراجع.
هل هذه مبالغة أو تنميق؟ لا والله، فهذا ما شهدته الأسبوع الفائت حين ذهبت لقسم الأحوال المدنية في الدرعية لإنهاء معاملة تخصني، وأذكر موقعها صريحا حتى نشيع الإيجابيات والمظاهر الجميلة والحضارية، فلسنا هنا فقط للنقد وإظهار السلبيات على أهمية ذلك، وإنما حق علينا أن نقول للمحسن أحسنت ونثني عليه، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله. إن الصورة السلبية لكثير من الدوائر الخدمية التي يتعامل معها الجمهور مباشرة وبشكل يومي مستمر على مدار العام مترسخة وللأسف الشديد في مخيلة وعقل المراجعين، وليست كلها بطبيعة الحال فالتعميم ظلم وجهل، وإنما أقول كثيراً منها. لكن ما شهدته من صورة مشرفة لهذا المرفق تكشف عن تحضر وأمانة القائمين عليها والحس الاجتماعي والمهني لدى إدارتها والعاملين فيها، حتى إني رأيت أسلوب تعامل الموظفين وتبسمهم مع عامل القهوة، ولا عجب، فالمسألة عدوى وانتقال لمشاعر الارتياح واللطف والود، كما أن بيئة العمل النظيفة والراقية من مبنى وأثاث وترتيب تنعكس كما نعلم على الموظفين ومن ثم على المراجعين حتما. تمنيت لو يتم منح كل موظف في تلك الدائرة وساماً نظير لطف المعاملة قبل كل شيء ثم نظير دقة وسلاسة الإجراءات والإخلاص في تقديم الخدمات للجمهور. كما أتمنى لو تقدم وزارة الخدمة المدنية جائزة سنوية لأفضل بيئة عمل حكومية لمختلف الأجهزة والإدارات الحكومية الخدمية ويتم دعوة وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، لتشجيع من يستحق الشكر وتقديمه للمجتمع والإعلام حتى يكون قدوة لغيره وتشجيعاً لأمثاله الذين قد يكون الإحباط قد ثبط هممهم أو أهدر جهودهم. إننا بحاجة لإشاعة الأجواء الإيجابية وإظهار الصور الحضارية رفعاً للهمم وشكرا لأصحاب تلك الإنجازات التي عاكست التيار. وكما قلت وأعيد فالفكرة المترسخة لدى معظمنا أن المرافق الحكومية (لا يلزم أن تكون نظيفة وراقية مبنى وأثاثاً وأسلوب تعامل أو لا يلزم أن تكون خمس نجوم باختصار) هذه الصورة التي ترسخت لدى بعض مديري وموظفي بعض الدوائر الحكومية من المحزن أن تستمر والحكومة بقيادة الملك عبدالله حفظه الله تغدق المليارات على المرافق والوزارات وعبارة (ليس لأحد عذر) ما زال صداها يتردد. شكرا لتلك الدائرة بكل من فيها على هذا التحضر. ولكم فائق التحية.
omar800@hotmail.com