عادَ الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز إلى المنطقة الشرقية، محمَّلاً بالخبرات والرؤى والتطلعات بعد رحلة عمل طويلة تنقَّل فيها بين المهام الدبلوماسية، والإدارية والأمنية وشؤون الحكم، فتحت له «منطقة الخير» أذرعها وقلوب ساكنيها الذين عرفوه من قبل نائباً للأمير.
أحسب أن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية، يتطلع مع بداية تسلم مهامه العملية إلى الاستماع للكلمات الصادقة المُعينة له على البناء والتطوير ومعالجة الأخطاء.
تتأمل «منطقة الخير» أن يبدأ الأمير سعود بن نايف رحلته العملية الجديدة بملف التنمية الذي ما زال، وبرغم الإنفاق الحكومي التوسعي، يُعاني من قصور واضح، وبطء في تنفيذ المشروعات، وتدني مستوى الخدمات، وعدم قدرة الإدارت الحكومية على استثمار المخصصات المالية الضخمة لتحقيق أمنيات المواطنين وتطلعات ولي الأمر.
العمل التقليدي ما زال مسيطراً على الإدارات الحكومية، وبرامج التنمية والتطوير في المنطقة ما جعلها أكثر قرباً والتصاقاً بالماضي!.
تتطلع المنطقة إلى إعادة ترتيب إداراتها الحكومية، وضخ الدماء الجديدة في قياداتها بما يحقق لها الفاعلية التامة والكفاءة المتوافقة مع متطلبات التنمية، والتطوير، وحجم الإنفاق العام، إضافة إلى تفعيل دور مجالسها العاجزة عن مواكبة التنمية بسبب ضعف الرؤى والإستراتيجيات، والصلاحيات وعدم تجاوب الوزارات والإدارت الحكومية.
المنطقة أكثر حاجة للخطط الإستراتيجية التنموية القادرة على إحداث نقلة نوعية في الخدمات، والمرافق، والتخطيط والبناء وبما يُقرّبها إلى ما وصلت إليه الدول المجاورة، والتي كانت إلى عهد قريب، تَخلِفُها بمراحل.
الحديث عن التنمية يقودنا إلى دور «أرامكو السعودية» المهم في الجانب التنموي، وضرورة إنهاء ملف محجوزاتها بما يحقق العدالة والمصلحة للوطن والمواطنين. أحقية أرامكو في الاحتفاظ بالأراضي المهمة لعمليات الإنتاج المستقبلية، والواقعة ضمن ملكياتها الخاصة، يجب ألا تتعارض مع أحقية المواطنين في استثمار أراضيهم التي امتلكوها وفق صكوك شرعية، والواقعة وسط الأحياء السكنية المأهولة، بحجة (الامتياز).. فعلى سبيل المثال تكاد «أرامكو السعودية» أن تخنق الجبيل، بتسببها في وقف تطوير وتداول العقارات المهمة فيها، والواقعة ضمن النطاق العمراني وبين الأحياء، بحجة نطاقات السلامة المحيطة بأنابيب النفط والغـاز المحددة بخمسة كيلو مترات، ما يعني إحداث شلل تام في المدينة التي تحيط بها المصانع والأنابيب من كل جانب.
أهالي «منطقة الخير» يتطلعون إلى التخطيط الأمثل لمحافظاتهم ومدنهم وتنميتها وتطويرها، واستثمار مقوماتها السياحية والتجارية والصناعية لدعم اقتصاد المنطقة وخلق مزيد من الوظائف، وتحقيق تنمية اجتماعية متطورة، ويأملون في تحسين أداء الأمانة وبلدياتها، وأداء الإدارات الخدمية وإحداث تغيير فعلي في قياداتها، وبما يساعد على التطوير ومعالجة القصور الذي يعتريها. التغيير الإداري عنصر مهم من عناصر تحقيق النجاح.. تجديد الدماء يساعد على التحفيز، ورفع الكفاءة وتحسين الأداء وتحقيق الأهداف الإستراتيجية. أهالي المنطقة يحلمون بتطوير مطاري الدمام والأحساء وزيادة عدد الرحلات فيهما وإعادة الخطوط الأجنبية المهاجرة إلى المطارات الإقليمي المجاورة، وإعادة فتح مطار الهيئة الملكية بالجبيل أمام الرحلات المدنية وتفعيل دوره في النقل المدني، وبما يخدم أكبر المدن الصناعية وأهمها في المملكة، والتفكير الجدي في إنشاء مطار الخفجي الإقليمي.. ويتمنون القضاء على أزمات العبور في جسر الملك فهد، وتطوير المنافذ الحدودية، ويحلمون بالحصول على المدن الجميلة والشوارع الخالية من الحفر، والطرق السريعة الآمنة، وتوفير المياه العذبة لجميع المدن، واستكمال شبكات الصرف الصحي، وتصريف الأمطار، وإنشاء السدود لحماية المدن الواقعة في مجاري السيول، ومشروعات الإسكان، والمدارس، والحدائق الحديثة، والسواحل المفتوحة التي تقلصت أطوالها فاختفت من بعض مدنها كمدينة الجبيل، وفتح مزيد من الجامعات، وفي مقدمها جامعة «حفر الباطن».
أحسب أن المنطقة الشرقية لا تشتكي قصوراً في الموازنات المالية بقدر شكواها من ضعف إدارة المشروعات التنموية التي أضرت بالجودة، ومددت زمن التنفيذ، وتسببت في هدر أموال الدولة، وهي أمور تُسأل عنها الإدارات الحكومية في المنطقة. الملف التنموي والخدمي هو الأكثر أهمية وإلحاحاً لدى أهالي المنطقة الشرقية، وهو مؤشر القياس الرئيس للنجاح، والأكثر تأثيراً وانعكاسا على رضا المواطنين، بالإضافة إلى الملف الأمني الذي بات مقدما على الملفات الأخرى كنتيجة مباشرة للمتغيرات في المنطقة.
f.albuainain@hotmail.com