في رواية توفيق الحكيم (رحلة إلى الغد) التي صدرت قبل حوالي نصف قرن ورحل فيها بخياله الواسع مستشرفاً المستقبل، وقد تحقق كثير مما كان يعتبره الحكيم أحلاماً.. واعتبره البعض وقتها أضغاث أحلام!

من الأحلام اللطيفة التي طرحها توفيق الحكيم في روايته تخيَّله: أن المواد الغذائية سوف يتم وصولها إلى المنازل عبر (الأنابيب) تماماً مثلماً يصل الماء وقد تخيل أنه سيكون في المنازل: صنابير: واحد منها للأرز وثان للفول، وثالث للمعكرونه إلخ.. وأنا أضيف ورابع (للمطازيز) وخامس (للجريش)!.

الزميل الكاتب الذي تشدني طروحاته بأسلوبها الساخر الذي لا يجرح ولا يحرج أ. فهد بن جليد تخيل -إن الله أعطانا عمر-: أن يكون الطعام على شكل (كبسولات) وقد سرحت معه بالخيال عندما تصور رجلاً يكون عندك وقت الغداء في مكتبك ثم يخرج من محفظته (حبتين على شكل كبسولتين) ثم يقول لك: عن إذنك سأتناول غدائي ثم يلتهم (الكبسولة) بالشفاء والعافية فتطلب منه أنت (الكبسولة) الثانية لتشاركه غداءه فيعتذر منك على أساس أن هذه (الكبسولة) هي عشاؤه.

أرحل أنا مع الزميل في أفق خيالي آخر اتساقا مع (الغداء الكبسولي) وهي تخيلي شكل البقالات و(السوبرماركت) مستقبلاً، فالبقالة التموينية لا يحتاج حينذاك صاحبها فتح (دكان) بل تكون البقالة معه على شكل (علبة) فيها كبسولة أرز وكبسولة خضار إلى كبسولة حلا والحمد لله على نعمته!.

قد يكون هذا إغراقاً بالخيال.. لكن كثيراً من الأشياء التي كانت خيالاً بل أتهم من يطرحها ويتخيلها آنذاك بنقص في عقله، ولكنها أصبحت حقائق وإلا فمن يصدق أن شخصاً يتحدث بأمريكا ثم يصلك صوته وصورته من جهاز في جيبك وأنت في حي منفوحة بالرياض أو أن مركبه ستطير بك بالفضاء ما يمسكها إلا الرحمن!.

وعيشوا وشوفوا!!.

***

=2=

جهل يسعه الحلم..!

لمعاوية بن أبي سفيان حكمة خالدة اقتدّها من تجاربه مع الحياة والناس، مزجها بحلمه المعهود.. هذه الحكمة الحياتية تقول:

(إني لآنف أن يكون في الأرض جهل لا يسعه حلمي، أو ذنب لا يسعه عفوي، أو حاجة لا يسعها جودي).

ولكن السؤال الأهم:

من الذي يستطيع أن يطبق سياسة وسلوك معاوية وهو يتعامل مع الناس، برّهم وفاجرهم، فيجعل حلمه ينتصر على جهله، وعفوه يميت ذنوبهم، وسخاءه يمسح حاجاتهم، إن من يُلقّى مثل هذا الخلق لذو حظ عظيم.

***

=3=

أمور يضحك السفهاء منها

هناك قضايا وأحداث بالغة الأهمية يضحك بعض الناس منها عندما يتم تداولها بالمجالس إلى درجة الهزء بها, والسخرية منها لكن العقلاء وبعيدي النظر يحدقون في مآلاتها ويتأملونها برؤية أعمق:

وقد صدق الحكيم العربي الذي قال:

أمور يضحك السفهاء منها

ويبكي من عواقبها الحكيم

أجل كم هي الأمور التي ضحكنا منها ثم بكينا عليها..!

***

=4=

آخر الجداول

قال الشاعر وقد صدق:

(من جرب الحب لم يقدر على حسد

من عانق الحب لم يحقد على أحد)