شكلت.. وزارات الصحة في كل دول العالم مجالا خصبا للنقد بكل أشكاله الجادة وغير الموضوعية وتلك البناءة المنطلقة من وعي ومعرفة, فالأولى أن تبني مشفى ولا تمنح مريضا دواء والثانية هي التي نحتاجها. إذ تساعد على تلافي القصور واقتراح الحلول, وداعيها أنها تريد البناء واكتمال عافية الإنسان, لهذا تطالعنا الصحف يوميا بجلد قاس للمنشآت والمؤسسات الصحية لدينا يتجاوز بسلبيته البالغة ونسفه الهدام جميع أسس ومبادئ النقد البناء بل أتوسع فأقول إن تهميش الدور الفعال للكوادر الصحية أصبح مهنة ونشاطا يتناوله الغث والسمين من البشر خصوصا أن أغلبية السادة الذين نصبوا أنفسهم ذوادا عن المرضى وحراسا لهم لم يكلفوا أنفسهم تعلم أبسط أساسيات الإسعافات الأولية بدلا أن يعطوا الأحكام ويسيروا الظنون في مواضيع هي أكثر صعوبة وتعقيدا من تعقيم جرح أو تغيير شاش, وهنا لا أنادي بتكميم الأفواه وحجب الأنظار عن الأخطاء والمغالطات التي تحدث, أبدا ليس هذا هدفي من هذه المقالة، ولكن الهدف منها هو إعطاء القوس لباريها وإعادة الأمر لأهله في تقييم الأخطاء وإصلاحها، أو ما الفائدة التي يجنيها مواطن ألمت به الحسرة من خطأ طبي أو تهاون إداري من قراءة مقال لكاتب ابتدأها بتهويل المشكلة وسيق الوعيد والتهديد للعاملين بالحقل الصحي، مضيفا إليها تجاربه الشخصية بالتعامل مع المستشفيات الأجنبية مقارنا خدماتهم التي قدموها له حينما كان يشكي من أعراض الإنفلونزا الموسمية، وعلة ذلك المواطن الذي يتألم من مضاعفات عملية استبدال الكلى, مطرقا استشهاده كذلك بتجارب أصحابه، مذللا في آخر المقال رجائه الحار من وزارة الصحة بإيجاد الحل العاجل والسحري لهذه المعضلة دون أن يكلف نفسه عناء تقديم اقتراح أو حل لإصلاح الخطأ وهذا ما كان ينشده المريض من قراءته لمقالة الكاتب الكريم وليس بضع قصص وحواديت كان بإمكانه أن يستمع لها ومرارا بأحد المجالس، وهنا يبرز التساؤل كيف تجرأ هؤلاء على ادعاء المعرفة في مختلف التخصصات الطبية دون أن يضعوا بالاعتبار عواقب ادعائهم بالمعرفة الطبية، وهنا يظهر جليا للعيان أن عزوف الأطباء والمتخصصين بالإدارة الصحية لهو أحد أسباب زيادة هذا النوع من النصاح غير الموفقين الذي نفدت أحبار المطابع وامتلأت الشبكة العنكبوتية من تضجرهم واستيائهم مع العلم أن وزارة الصحة وعلى رأسها الدكتور عبدالله الربيعة لطالما رحبت بالآراء والأفكار وكان آخر نداء لها ألقته في قبة الجزيرة راجين المواطنين التعاون معها في رفع مستوى وأداء الجودة الصحية، فالتشهير بطبيب أو بمشفى لهو نوع من العلاج ولكن تقتضي المصلحة إلى وضع الحلول بعد العقوبة لضمان عدم تكرار ذلك فكما أنه يوجد بحر من الجوانب لنقدها وتنقيصها فهناك أيضا محيط من الإنجازات والنجاحات التي يجدر الإشادة بها وإظهارها للعيان دون تزلف مترف أو تطبيل مسرف.