وضعَ العالِمُ (كلسكي) ست عشرة خاصية، اعتبرها أهم السمات للشخصية السيكوباتية: ذكاء متوسط أو مرتفع مع جاذبية مصطنعة، غياب الهذاءات والعلامات الأخرى الدالة على التفكير اللا عقلاني، غياب القلق العصابي أو المظاهر العصبية الأخرى،
عدم الثبات، الصدق، عدم الإخلاص، غياب الضمير والخجل، سلوك مضاد للمجتمع، قدرة ضعيفة على الحكم، وشك في التعلم من الخبرة، تمركُّز مرضي حول الذات، وعجز الحب، انخفاض عام في معظم الاستجابات الوجدانية الرئيسة، فقر الاستبصار، انخفاض الاستجابة لعلاقات الشخصية العامة، سلوك نرجسي مع الانغماس في الشراب وأحياناً بدونه، غياب محاولات الانتحار الجادة، حياة جنسية غير تقليدية وغير مضبوطة أو قابلة للتحكم، الفشل في اتباع أي خطة لحياته، بالتالي تُعتبر هذه الشخصية من أكثر الشخصيات تعقيداً وصعوبة في التعرف على صاحبها، لإجادته تمثيل دور الإنسان العاقل، وقدرته على التأثير على الآخرين والتلاعب بأفكارهم، نظراً لعذوبة كلامه وكثرة وعوده وشهامته ولطفه المصطنع.
للوراثة دور في اصطباغ الإنسان بصبغة هذه الشخصية تُدلل عليها أغلب الشخصيات الحاكمة، ذلك لأن أغلب الشخصيات السيكوباتية تنتهي إلى أدوار قيادية في المجتمع، بالتالي ينتهي الشعب فيه إلى سوء العاقبة من تلك الشخصية، بجانب العوامل المُكتسبة والمتعلَّمة تربوياً واجتماعياً، فالإنسان كما ذكروا “يرث معظم الصفات، إلا أنها لا تظهر كلها، بل تبقى كامنة لضغط العوامل الأخرى على هذا العامل”.
أعجبتني صورة مرسومة لشخصية سيكوباتية على وشك النهوض من النوم، وهو يمد يده لأخذ الوجه الذي سيُواجه به الناس من مجموعة أوجه معلَّقة وموضوعة على الطاولة، كل وجه منها يُعبّر عن شخصية مختلفة، إما مبتسمة أو متجهمة أو ممتعضة وغيرها!. أتصور أن القرآن الكريم استطاع الإشارة إلى هذه الشخصية، إلى بعض من صفاتها في إظهارها عكس ما تبطن عندما قال سبحانه: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ {1} اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {2} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ {3} وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} المنافقون: 1-4.
وصفَ الدكتور وليد الزهراني أخصائي الطب النفسي الإكلينيكي شخصيات “المفحطين” بالشخصيات السيكوباتية المنافية لأخلاقيات المجتمع، شخصية لا تخشى الموت ولا تتأثر بحوادث وقتلى التفحيط ربما للميول الانتحارية ولا قيمة للحياة عندها.. كما نعلم أن الأمريكيين أهتموا اهتماماً كبيراً بدراسة شخصيات الزعماء ورؤساء الدول الهدف منه “فهم الكيفية التي يُمكن أن يتصرَّف بها نظراؤهم في قضيَّة ما أو أزْمَةٍ ما، فيستخدم صانع القرار الأمريكي المعلومات المتوافرة عن الشخصيَّة التي يتعامل معها، بحيث تساعده في تكتيكات التفاوض، أو المساومة، أو الاستمالة، أو التهديد، أو في تحريك أزْمَةٍ ما”.. قادت هذه الدراسات المحلل النفسي “والتر لانجلر” إلى التوصل إلى أن “هتلر” كان سيكوباتياً عصابياً، شخصاً منحرفاً عن السلوك السوي بسلوكياته المضادة للمجتمع والخارج على قيمه ومثله ومعاييره”.. فماذا عن شخصيات قادة عرب ورؤساء لا يقلون عن تصرفات هتلر!.. ماذا لو تم إخضاعهم للتحليل النفسي!!؟؟
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443Twitter: @HudALMoajil