بإهداء رقيق وصلني ديوان الشاعر المبدع محمد جبر الحربي “جنان حنايا” وهو يعلم مقدار دهشتي مع كل حرف تخطه أنامله ويعرف أيضا أنني أجد نفسي في كل كلماته، ابتداءً من جنان حنايا التي صدرت في مائة وست صفحات من القطع المتوسط.
صدر للشاعر دواوين عدة سابقة أذكر منها “حديث الهدهد” و”زمان العرب” و”ما لم تقله الحرب” و”خديجة”، كان فيها قنديل أضاء سماء الشعر بلغة واضحة عذبة الجرس جميلة، من يقرأها يعرف أنها تخص محمد جبر وحده.
في ديوانه الجديد غاص الشاعر بقصائده في عالم المرأة واصفاً ومادحاً ومتغزلاً، وقد جاءت بعضها كما لو كانت خواطر عاشق وتجليات حسية شكلت نواة لأقصوصة أو حكايات غرامية، ففي قصيدة “كرم السنين” تقرأ:
حزين ككرم البساتين منتظراً قطفة
ربما فرح
ربما نصف مكتئب
أتهاوى كما تتهاوى العناقيد من كرمة
تلقفها كف شاقية بأنامل من حنطة وحنين
كيف لو قمت من غفوة تضحكين
وداويت ألوان جرحي وبوحي..
وفي أبيات خص بها محمد جبر والدته رحمها الله يقول:
مهلك يا بحر
فسليمى نائمة، والدمعة غرقى..
“ يا سليمة يمه.. يمه يا سليمة
عونك يا يمه
نامت عيون الناس ... قلبي شينيمة “
حين عرفت الوقت عرفت سليمى وبكيت بكيت
قال أبي: الوشم بساعدك الأيمن
من أمي؟
والأيسر؟
قال أبي.. أكثر في القول
وكانت نائمة
فعلام النوم... صحوت
لو وهبت روحي بعض ملامحها
لو تركت كحلاً للعين، مداداً للقلب، أريجاً في الثوب
ولو تركت شيئاً غير الاسم
وغير الوشم
وغير السنتين
مبارك لمحمد هذا الإصدار وهو الشاعر الذي امتد شعرياً على امتداد المملكة والعالم العربي، وجسدياً من الطائف إلى الرياض عبر نهر من الشعر لن ينضب معينه وكروم ككروم العنب الطائفي الذي أضفى ذائقة رائعة لشعره تظللها سحائب جبال السروات وغيوم الهدا، ولعلي مثل غيري من الأكاديميين ننتظر دراسة علمية عن شعر محمد جبر من قبل أهل الاختصاص وآمل أن يكون هذا قريباً..