اختُتمت في الرياض أعمال القمة العربية الاقتصادية، التي نتج عنها بعض القرارات المهمة وعلى رأسها تحديد فترة زمنية لإنجاز مشروعي التجارة الحرة والاتحاد الجمركي؛ وتشجيع الاستثمار البيني؛ ومكافحة الجوع والفقر؛إضافة إلى اقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية والشركات العربية المشتركة بنسبة لا تقل عن 50%؛
بهدف دعمها وتمكينها من توسيع أنشطتها التنموية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص؛ وهي زيادة ربما وفرت أكثر من 10 مليارات دولار تُضاف إلى رؤوس أموال مؤسسات الدعم العربية؛ ما سيساعدها في خلق أموال واستثمارات جديدة بما يفوق أضعاف حجم الزيادة المقترحة.
الأمير سعود الفيصل؛ وزير الخارجية؛ تحدث في المؤتمر الصحفي عن الشراكة المهمة بين القطاعين العام والخاص؛ وأكد على أن القطاع الخاص في حاجة إلى تطوير بيئة الاستثمار العربية وعلى رأسها التشريعات والقوانين الداعمة للتدفقات الاستثمارية. أعتقد أن حماية الاستثمارات في الدول العربية هي الأهم في هذا الجانب؛ فالقطاعين الخاص والعام؛ لا يودان الدخول في استثمارات إستراتيجية غير مأمونة؛ يُقال إن «رأس المال جبان» لذا يُعتبر عنصر الأمان من أهم العناصر المؤثرة في اتخاذ القرار الاستثماري؛ وعند الحديث عن الاستثمارات الخارجية فنحن نتحدث عن التشريعات والأنظمة والمظلة القانونية التي يمكن أن تنصف المستثمرين في حال التقاضي الخاص والعام.
ما حدث للاستثمارات السعودية في دول الربيع العربي أكد بأن الدول العربية لا يمكن أن توفر الأمان للاستثمارات الأجنبية خاصة مع تغير أنظمتها. التعامل مع الدول العربية في قطاعي الاستثمارات المالية والإنتاج أمر غاية في التعقيد؛ فلا بد للمستثمر العربي أن يمر من خلال الحكومات التي تمتلك حق السماح بالاستثمار في أراضيها؛ وهذا قد يتسبب مستقبلا؛ في حال تغير الأنظمة؛ بإشكالات مباشرة للمستثمرين، على أساس أن قرار موافقة الحكومة قد لا تقبل به الأنظمة الجديدة؛ وأكثر من ذلك اتهامها للمستثمرين بالفساد لمجرد أنهم استثمروا أموالهم بموافقة النظام السابق الذي قد يُتهم بالفساد من الأنظمة الجديدة.
مثل تلك التعقيدات؛ والمشكلات لا يمكن حلها إلا من خلال التشريعات والقوانين المدعمة باتفاقيات دولية يمكن أن تحمي الاستثمارات؛ وتسهل حركة التدفقات المالية؛ وتوفر عنصر الأمان ومظلة التقاضي الدولية للمستثمرين.
إضافة إلى ذلك ففتح الأسواق العربية أمام تمدد المصارف القوية؛ وخلق شراكات بين القطاعين العام والخاص لإنشاء مصارف تنموية ضخمة سيحقق هدف التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أسس ربحية تضمن الاستدامة. ربما كانت المصارف العربية الخيار الأمثل لقيادة التنمية شريطة أن تحصل على الضمانات والحماية اللازمة وأن تُدعم بالتشريعات المطلوبة.
الالتزام بالعقود وتوفير عنصري الثقة والحماية؛ واستكمال التشريعات وأنظمة الاستثمار؛ إضافة إلى توفير المظلة القانونية المستقلة والموثوقة للتقاضي التجاري يمثل الخطوة الأهم في تشجيع التدفقات الاستثمارية في الدول العربية؛ فتوفر الملاءة المالية لدى بعض الدول الخليجية؛ ومستثمريها؛ يقابلها فرص استثمارية صناعية؛ زراعية؛ وخدمية في الدول العربية الأخرى؛ وكل ما نحتاجه هو خلق الثقة بين الدول المستثمرة والدول الحاضنة من خلال التشريعات؛ وحماية الاستثمارات، وتوفير المظلة القانونية الدولية القادرة على الفصل في النزاعات وحفظ الحقوق؛ وبما يحقق هدف التكامل الاقتصادي بين الدول العربية.
f.albuainain@hotmail.com