وأنا أتابع حماس محبي تنظيم الإخوان المسلمين من السعوديين، سواء أولئك الذين يعتبرون أنفسهم منهم، أو الذين يحبونهم وهم ليسوا منهم، أتذكر زميلاً لي من الولايات المتحدة، فقد كان متيماً بالحزب الديمقراطي، ولا يهمه من ينتخب، ولا ما هي سياساته الداخلية والخارجية، فما يهم هو أن يفوز المرشح الديمقراطي، وقد كنا نحن زملاءه نتندر عليه، ونقول إنه لا يفرق بين السياسة، والرياضة، فقد كان صاحبنا يشجع فريق ديترويت بستونز لكرة السلة، وكان يتحدث بحماس منقطع النظير عن فريقه المفضل، وبالمثل عن مرشحه الرئاسي المفضل -حينها- السيد وليام كلينتون، وحينما فاز كلينتون بالرئاسة عام 1992، كان فرح صاحبنا مشابهاً لفرحته عندما فاز فريق ديترويت بستونز ببطولة أمريكا لكرة السلة للمحترفين عام 1990!، وقد هاتفني صاحبي هذا بعد فوز أوباما بانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2008، وتحدث بحماس منقطع النظير عن فوز الحزب، والرئيس، وتيقنت أنه -بعد كل تلك السنين- ما زال ذلك «المشجع» للحزب الديمقراطي، وهو في هذا لا يختلف كثيراً عن أصحابنا من محبي تنظيم الإخوان. في كل مرة أنتقد الإخوان، أتلقى سيلاً من النقد من «مشجعيهم» هنا، فهم منزهون عن الأخطاء، وقراراتهم لا يأتيها الباطل من بين يديها، ولا من خلفها، حتى ولو كانت شبيهة لقرارات الرئيس السابق مبارك، ويخيل إليّ أن محبي الإخوان من جماعتنا تأخذهم الصورة النمطية الظاهرية للإنسان المسلم، وربما أنهم يرون أن الإخوان هم الأصل لتلك الصورة، لذا فهم مشجعون لتنظيم سياسي يتسمى بالإسلام، أكثر منهم أنصارا للتغيير والديمقراطية والحرية والعدالة، ويعني هذا أنهم -كما صاحبنا الأمريكي- لا يكترثون بالسياسات، فما يهمهم هو فوز هذا التنظيم، واستمراره في الحكم، حتى ولو حكم بالحديد والنار إلى ما لا نهاية، إذ هكذا تبدو الصورة منذ أكثر من عام. لا أدري أن كان يخفى على محبي الإخوان أنني وكثير من أهل القلم لم نتخذ موقفاً سلبياً من تنظيم الإخوان في بداية الأمر، فقد كتبنا قبل وبعد فوز الإخوان أن لهم الحق في أخذ فرصتهم السياسية كاملة، وتعاملنا معهم كما تعاملنا مع أي نظام سياسي آخر، إن أصاب أشدنا به، وإن أخطأ انتقدناه، ونفعل ذلك حتى عندما نتناول حكومات أعتى الديمقراطيات الغربية، فالسياسي معرض للنجاح والفشل دوماً، ولكن مشجعي الإخوان لا يتناولون الأمر من هذه الزاوية، فهم لا يتعاملون مع الأمر كشأن سياسي بت، بل كأيديولوجيا يراد لها أن تفرض على الناس ولو بالقوة، ومن هذا المنطلق تأتي حساسيتهم المفرطة من نقد التنظيم، وهم في هذا يشبهون -في كثير من الوجوه- أعضاء التنظيم في عقر داره، والذين ما زالوا يعتبرون أن نقد التنظيم، أو أي من رموزه هو نقد للدين ذاته، ما يعني أن من ينافس مرشح التنظيم مستقبلاً على رئاسة الجمهورية، سيكون مارقاً محارباً للدين، كما قال أحدهم علانية، فهل يعي هؤلاء أن هناك فرقاً جوهرياً بين السياسة والرياضة؟
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2