بعد أن اهتز العالم العربي بربيعه وبسبب ربيعه تحركت مطامع أكثر من قوة هي: إيران, تركيا, أوروبا, وروسيا. أما أمريكا فكانت واضعة اليد على العرب بربيعهم وخريفهم.
روسيا كانت غائبة ومغيبة عن العالم العربي بفعل أمريكا وترغب في العودة للمياه والمناطق العربية الدافئة, أما أوروبا فكانت غارقة في قضاياها ومع الربيع العربي (حنّت) ووجدتها فرصة لعودة المستعمر القديم الحاضر الغائب, ولكن هناك في الجوار قوتين هما: إيران وتركيا وجدتا في الربيع العربي حراكاً لهما وفرصة لمعالجة مشاكلهما الاقتصادية والديموغرافية وتعديل الحدود والنفود. إيران لها مع العرب صراع حضاري طويل يعود إلى أوائل العهد الإسلامي زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما التهمت الجيوش العربية إمبراطورية فارس وأسقطت الممالك الفارسية في إيران, فذهبت الإمبراطورية وبقي التنافس الحضاري بين الحضارتين العربية والفارسية, ومع الربيع العربي وانهيار العراق سعت إيران لمد حضارتها وثقافتها الفارسية ونفوذها السياسي على منطقة الخليج العربي والعراق وسوريا ولبنان.
أما تركيا وريثة الدولة العثمانية والخلافة الإسلامية التي امتدت لأكثر من (500) سنة من القرن الخامس عشر ميلادي وحتى قيام تركيا الحديثة 1923م فإن لها أهدافاً: معالجة الوضع الكردي ومشكلات الحدود مع سوريا والعودة بقوة إلى توازنات الشرق الأوسط لمعادلة قوى إسرائيل وإيران وروسيا. وهناك طرف خفي في أهداف تركيا وهو نشر الثقافة الحضارية والاقتصادية لتركيا في المحيط العربي مستندة على إرث قديم تمثل في زعامتها للخلافة الإسلامية لقرون طويلة..
فرنسا التي تشكل رأس حربة أوروبا ترى بعد تدخلها في ليبيا بغطاء الأطلسي أن الربيع العربي هو الخطر القادم سيؤثر على أوروبا لو حقق العرب نجاحاً ديمقراطياً ونقل المنطقة من دول غنائم ما وراء البحار إلى دول الند والقوة والنفوذ، لكن فرنسا اليوم ليست فرنسا المستعمر الكبير، والدول العربية بربيعها وكثافتها السكانية واقتصادها ووعيها العلمي وما تمتلك من موارد طبيعية وبشرية ليست هي مستعمرات الأمس القاطنة ما وراء البحار.
القوى الأوروبية والروسية والإيرانية جاهزة للانقضاض على دول الربيع العربي وظهيراتها دول الخليج وغرب آسيا وإفريقيا... إذن لابد أن تتوقف أحلام تلك الدول الطامعة، وأصبح المفصل الآن هو اجتياز الربيع لعقبة سوريا. ومتى اجتازها الربيع فإن خريطة جديدة ستكتب للعرب توقف اندفاع دول (المحور) وتحفظ للعرب أطالسهم وأراضيهم وسيادتهم.