على خطى بشار الأسد، صعَّد نوري المالكي من تحديه للإرادة الشعبية التي جسدتها التظاهرات الشعبية في المحافظات الشمالية والغربية في العراق للمطالبة بحقوقهم الشرعية المتمثلة في وقف التمييز والتهميش الذي يتعرض لهم أهم مكون في العراق؛ إذ يعامل أهل السنة معاملة مواطنين من الدرجة الثانية، بل وصل الأمر إلى تخصيص مواد وأنظمة للاقتصاص منهم وعزلهم، فمادتا «4 إرهاب» ونظام المساءلة والعدالة مخصصتان حصرياً لمطاردة أهل السنة، بدليل أنه لم يحاسب أو لم يجر متابعة أي سياسي من الطوائف الأخرى، حيث سلطت المادة «4 إرهاب» لعزل بل وحتى الحكم بإعدام الرموز السياسية والوطنية من أهل السنة والتي كان آخرها نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، أما ما يسمى بالمساءلة والعدالة، فقد اختصت بـ»اجتثاث» وعزل كبار الموظفين من أهل السنة الذين فصلوا من أعمالهم بتهم الانتماء إلى حزب البعث إبان حكمه في الفترة السابقة، في حين تم التغاضي عن نظرائهم من الشيعة الذين كانوا في نفس الدرجات الحزبية، بل إن بعضاً من العسكريين البعثيين من الشيعة أعيدت لهم رتبهم ورقوا ليقودوا القطاعات العسكرية بعد أن رضخوا لطلبات حزب الدعوة وقبلوا تنفيذ أجندته. الإقصاء والتهميش وفرض الأحكام الجائرة على أهل السنة دفعهم إلى الثورة خصوصاً بعد أن تم الزج بنسائهم وشبابهم في سجون المالكي ونقلهم من محافظاتهم إلى معتقلات وزارة الداخلية في بغداد.
الاغتصابات المرتكبة ضد النسوة العراقية في محافظات الرمادي والموصل وديالى وصلاح الدين، والتعذيب الممنهج ضد شباب هذه المحافظات الذين نقلوا إلى معتقلات بغداد، عجّل بثورة المحافظات السنية في الشمال والغرب، وبدلاً من أن يستجيب نوري المالكي للمطالب الشرعية للمحتجين في تلك المحافظات، سلك نوري المالكي مسلك نظيره في التوجه الطائفي والتناغم مع أجندة طهران، وبدلاً من أن يتفاهم مع المحتجين وينفذ مطالبهم الشرعية التي أقر شخصياً بمشروعيتها، صعّد من إجراءات المواجهة، ووجّه تحذيراً لفظياً استفزازياً بقوله: «انتهوا قبل أن تُنهوا». وهذا ما شجع القوات العسكرية التي أرسلت لإنهاء التظاهرات والذين جميعهم من خارج المحافظات وقاموا بجريمة التعدي على المصلين الذين كانوا يؤدون صلاة الجمعة في مدينة الفلوجة، وهو ما أشعل الاحتجاجات وزادها صلاة ورفع سقف المطالبات لدى المتظاهرين الذين وصلوا إلى قناعة بأنه لا يمكن الوثوق بنوري المالكي والمتعاملين معه، لأنه ببساطة مثل نظيره الطائفي بشار الأسد، ينفذان ما يصدر إليهما من تعليمات من ملالي طهران الذين يريدون الحفاظ على كرسي طائفي سوري عراقي للدفاع عن حكم ولاية الفقيه في إيران وامتداداته في الوطن العربي.
jaser@al-jazirah.com.sa