المتأمل في خريطة العالم الإسلامي الممتدة من: غينيا في غرب إفريقيا والمطلة على المحيط الأطلسي, والسنغال وموريتانيا، ثم المملكة المغربية على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والجزائر وتونس وليبيا ومصر وفلسطين وسورية ولبنان, ثم الأردن والعراق، ثم تركيا على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود وأرمينيا, ثم أذربيجان وداغستان وإيران على بحر قزوين, ثم على بحر أرال تركمنستان وأوزبكستان وكازاخستان, ثم طاجكستان وقرغيزيا حتى حدود منغوليا في شمال شرق أسيا الوسطى. وداخل هذا الشريط دول عديدة من: غرب إفريقيا النيجر وتشاد والسودان, ثم الصومال والسعودية ودول الخليج واليمن وحتى شرقا أفغانستان وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا وماليزيا. هذا الشريط يشكل فيه المسلمون أكثر من (80) في المائة من سكان تلك الدول لكن الأبرز انه يمثل حزاما ممتدا من أقصى الغرب الإفريقي وحتى أقصى الشرق في آسيا الوسطى حزاما على أوروبا يطوق جنوبها بالكامل من المحيط الأطلسي وحتى البحر الأسود وبحر قزوين وهنا تكمن أهمية الحرب في مالي وخشية أوروبا وتحديد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وهي المستعمر الأقدم لمناطق إفريقيا والدول العربية خشيتها أن ينكسر الطوق وتتدفق الهجرات، وأيضا خشيتها مما تعتقده من مد إسلامي قادم.
الحزام مواجه تماما لأوروبا: دول (إيطاليا وفرنسا وإسبانيا) تمثله دول طوق الشمال الإفريقي: ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومن خلفهما دول: السودان وتشاد والنيجر ومالي من شرق إفريقيا إلى غربها. تتغذى قاعدته - الجماعات القتالية والانفصالية والإرهابية - من قاعدة أكبر ممتدة على طول شواطئ المحيط الهندي (أفغانستان) وشواطئ بحر العرب ودول الجنوب الإفريقي حتى الوصول إلى مالي. هذه الخريطة الفعلية الطبوغرافية والسكانية للعالم الإسلامي لكن هذا لا يعني أن جميع هذه الدول متورطة في جماعات إسلامية قتالية أو إرهابية وهذا لا يبرر لأوروبا أن تنظر إلى هذه الدول العظيمة وذات الكثافة السكانية أنها معادية وخصوم، وبالتالي تعمل من خلال ذراع الحلف الأطلسي عسكريا والاتحاد الأوروبي اقتصاديا إلى تأديب دول الطوق الجنوبي سواء في الشمال الإفريقي أو شمال آسيا الوسطى أو حتى غرب إفريقيا.
أمريكا التي خرجت من الصومال في التسعينات الماضية بعد أن كانت طرفا في حروبها تصالحت مع الصومال واعترفت بحكومتها بهدف عزلها عن المد الجهادي والقتالي والقرصنة في المياه القريبة من الأطلسي.. وفرنسا اليوم تخوض حربا في مالي قد تتسع وتجر دول الجوار لها بما في ذلك الشمال الإفريقي العربي وبالتالي فتح حروب جديدة في عالم إسلامي لا يهدأ ولا يستكين. والسؤال إلى متى يستمر العالم الإسلامي في الحروب والاستهداف دون توقف، وإلى متى تستمر دول أوروبا (الشمال) الغنية تستمر في إحجامها وتمنعها عن مساعدة دول الجنوب الفقيرة.