عندما يصف قائد القوة البحرية لحرس الثورة الإسلامية العميد علي رضا تنكسيري قبل أيام «أن أمن الخليج، بيد قوات الحرس الثوري», فهو وصف من الخيال، وكأنه يريد أن يوظِّف تلك العبارة توظيفاً سياسياً مستفزاً؛ من أجل القفز على حقائق التاريخ، والتي أدت إلى ظهور نوازع الهيمنة، والتوسع، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي، بعد أن أصبحت أدوات هذا التحدي مكشوفة للقاصي، والداني. وبالقدر الذي يتزايد فيه المفهوم الكوني للنزاعات الإقليمية، إلا أن التركيز على ملف أمن الخليج، بات أكثر وضوحاً بحكم الأمر الواقع. لن يكون إقرار الأمن الإقليمي ممكناً، عندما تكون كل دولة لاعباً منفرداً. فتوازن القوى التي تغيَّرت إلى غير رجعة، خصوصاً بعد التغيّرات التي شهدتها الدول العربية، وتهديدات القوى الإقليمية غير العربية، تستوجب أن تواجه التحديات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، من خلال وحدة الإقليم ككل، ولاسيما أن دول الخليج العربي تعيش لحظة تاريخية استثنائية، تملك فيها من عناصر القوة، ما يساعدها على تحقيق طموحاتها، إذا ما تم ترتيب البيت من الداخل.
في المقابل، فإن دول الخليج العربي أظهرت نضجها السياسي، وضبطها النفسي؛ لاحتواء سياسات إيران المستفزة. الأمر الذي يتطلب في المرحلة المقبلة، تأسيس صيغ تفاهم لحوار عقلاني، وبنّاء، يدعم السلم الدولي، دون أن يكون باعثاً على عدم الاستقرار. ثم إن الاستمرار على هذه الحالة من التجاذبات المستقرة، سيفضي إلى نتائج، وخصوصاً أن فرص التلاقي ممكنة؛ بهدف تطوير العلاقات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، ومعالجة الملفات الشائكة، بعيداً عن ساحة الصراع.
أعتقد، أن ملف أمن الخليج في عصر العولمة، تجاوز الهيمنة الإيرانية، أو حتى الغربية، وإن كانت الأطماع الإيرانية، والسياسات الغربية، تدعم من حيث لا تحتسب موقف إيران المستفز. فأمن الخليج أصبح ملفاً ملحاً؛ لبحثه في ظل التطورات الراهنة، والتحديات التي تواجهها دول المنطقة في الداخل، والخارج؛ مما أكسبه أبعاداً جديدة، بسبب تعدد مصادر التهديد الأمني، وهذا ما يستدعي بناء منظومة أمنية، وإقليمية؛ لتعزيز الاستقرار. ولن يكون الأمر كذلك، إلا بإشراك إيران على وفق قاعدة: الندية، والمصالح المشتركة، وتسوية كافة المشكلات العالقة، واحتواء تفاعلات القوى الإقليمية، من خلال الحوار.
drsasq@gmail.com