قصة مؤلمة وغريبة في نفس الوقت، تلك هي قصة مريم تلك الفتاة السعودية الأثيوبية السودانية! فتاة انتقلت من جنسيتها الأصلية السعودية إلى الأثيوبية ومن ثم استقرت لتكون سودانية حاملة جواز سفر سوداني ومتزوجة من شاب سوداني ومنجبة لطفل سوداني!
هذا القصة المؤلمة لو لم تكن صاحبتها هي من يرويها عبر برنامج الثامنة مع الزميل داود الشريان لقلنا إنها نسج خيال، ولكنها قصة حقيقية عمرها سبعة وعشرون عاماً.
لن أتكلم عن مأساة مريم فقد كان ما كان، ولكنني أتكلم عن شيء عجيب مارسه مؤويها (آدم) ذلك الرجل السوداني الذي تبناها لفترة ثم رغب الزواج منها بعد بلوغها، وما حصل بعد رغبته الزواج بها من تواصل مباشر مع الجهات الأمنية والقضائية، ومعرفة هاتين الجهتين بمأساة هذه الإنسانة، وأن هناك شبه جريمة تمارس معها، ومع ذلك لم يتخذ أي إجراء!!
بل أطلق سراحه بعد توقيفه لمدة ثلاثة أسابيع ومعه الفتاة!! يا للهول، كأنني أمام فيلم سمه هندي أو عربي المهم أنه خيال وليس حقيقة، عاد آدم ومعه مريم ومعه أيضاً رغبته الزواج منها لتبقى معه أشهراً ومن ثم تهرب متنقلة بين زميلاتها لتستقر بها الحال وتتزوج من أخ صديقتها السودانية بوثيقة جواز سفر أحضر من السودان! وهنا كارثة أمنية أخرى كيف يكون هذا الجواز بدون تأشيرة دخول معتمداً لدى الجهات القضائية التي قامت بإتمام عقد النكاح؟!
مريم دخلت السجن وخرجت خلال ثلاثة أسابيع دون توجيه أي تهمة لها عند دخولها، ولا نفياً لتهمة عند خروجها! كيف لعاقل أن يطمئن لمثل هذا التصرف؟!
مريم وآدم يمثلان حالة قد يكون لها أكثر من مثيل ستكشفه أو لا تكشفه الأيام، ظلم كبير، وخلل قضائي واضح، وتهاون أمني غير مقبول.
في جانب هذه القصة الإنسانية ألم كبير عانته صاحبة القصة بأشكال وصور مختلفة ساهمت جهات رسمية قضائية وأمنية وكذلك مجتمع في وقوعه على هذه الفتاة دون وازع من دين أو ضمير، وهذا يعطينا مؤشراً خطيراً على وجود خلل ما تعاني منه أجهزتنا الحكومية، وأن هناك انفصالاً بينها كبير وكأنها ليست منظومة واحدة!
إن القراءة المتأنية لهذه القصة تعطينا انطباعاً سيئاً عن ضعف التعاون بين الأجهزة الحكومية، وأن أجهزة الدولة الحساسة والتي على رأسها القضاء والأمن تعيش حالة ألا تكامل وألا تعاون!! وإلا لو كان هناك أدنى درجة من الإحساس بالتكامل لما حصل ما حصل، بل لو أن هناك أدنى درجات الضمير لما وصلت مأساة هذه الإنسانة إلى هذا الحد, قصة تحكي مأساة أخرى، هي مأساة بعض الأجهزة الحكومية.
أتمنى أن تكون قصة مريم وآدم محركاً للجهات الحكومية في الاتجاه الصحيح.
والله المستعان،
almajd858@hotmail.comتويتر: @almajed118