إذاعتي المفضّلة من خلال راديو سيارتي، هي إذاعة القرآن الكريم وإذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة (وإنْ كانت الأخيرة تبث من جدة!!!)، وتعليقاً على هذه الجملة التي بين قوسيْ قزح، كنت قد كتبت مقالاً أقترح فيه نقل استديوهات بث إذاعة نداء الإسلام من جدة إلى مكة المكرمة، لتثبت مصداقية القول، كما أنني رفعت مقترحاً بهذا الشأن لمعالي الأخ العزيز وزير الثقافة والإعلام، سبب حرصي على متابعة إذاعة القرآن الكريم وإذاعة نداء الإسلام، هو الاستماع لتلاوات مشاهير القرّاء المؤثرين الذين تشنّف لهم الآذان، وكذلك برامج الفتاوى في هاتين الإذاعتين (المباركتين) ما علينا، ذات مرة أدرتُ محوّل موجات الراديو إلى إذاعة الرياض، التي أحترمها جداً مع أختها إذاعة جدة، لقوّة وقيمة برامجهما، وإذا ببرنامج على الهواء مباشرة، شدّني لمتابعته، كونه يعنى بطرح قضايا، تهم (الوطن والمجتمع والمواطن) حلقة هذا البرنامج التي استمعت لجزء منها، تتمحور حول خطر المتسلّلين من الحدود الجنوبية لبلادنا العزيزة، ومما أذهلني وكدت أجَنّ جرّاءه، ما ذكره أحد ضيوف البرنامج المعتبرين، من أنّ أكثر من (ثمانية آلاف) متسلّل تم القبض عليهم خلال أسبوعين فقط! إي والله ما قلت غيره، هذا الرقم - من وجهة نظري - مخيف جداً، يشي بأنّ ثمة خلل، يرتكب في حق الوطن، والمواطن ليس بمنأى عنه، هؤلاء النفر المتسللون نعرف أنهم قَدِموا من بلدان تئنّ من التخلُّف والفقر، ولم يقدموا على خطوتهم الانتحارية تلك، إلاّ وهم محمّلون من الأمراض المعدية، ودوافعهم إما للبحث عن لقمة العيش بأي ثمن كان من خلال التسوّل وغيره، أو لأجندات سياسية، ومعلوم خطر هؤلاء المتسولين على الوطن والمواطن وتركيبة المجتمع، هؤلاء ينقلون الأمراض المعدية ولا يأبهون بشيء في سبيل تحقيق ما يشبع رغبتهم، يرتكبون جرائم السّطو على المنازل بما يجلبونه معهم من سلاح ناري أو سلاح أبيض، هؤلاء أشبه (بالقنابل البشرية الموقوتة) داخل وطننا، الضرورة تحتم تضافر الجهود للحيلولة دون تنامي هذه الظاهرة المؤرقة، نحن نعلم أنّ حدودنا الجنوبية مع اليمن أكثر من ألف كيلومتر طولي، وهذه أيضاً من المشاكل، وأعداد كثيرة من المتسللين عن طريق هذه الحدود هم من الأفارقة المحمّلون أيضاً بالأمراض المعدية، الأمر الذي يجبر الجميع على تصوُّر عظم وجسامة هذه المشكلة، للعمل بجدية وإخلاص على وضع الحلول الجذرية وليست الآنية، لكبح جماحها ولوقوف في وجهها، ولعل المواطن ذاته - من وجهة نظري - هو خط المواجهة والدفاع الأول دون أدنى شك، بل هو رجل الأمن الأول، لسبب بسيط جداً، كون المتسلل يبحث بشتى الطرق لمن يأويه، ومن يُرحّله هنا وهناك، والمواطن غير المخلص يبيع وطنه بعرض من الدنيا، والقصص الواقعية تحكي ذلك، فمن الوقائع المُرّة الثابتة كما سمعت في ذاك البرنامج، من قُبِض عليه وللأسف وهو يقود سيارة (وايت ماء فارغ) داخله مجموعة من المتسللين، مقابل حفنة من الدراهم على (الرأس الواحد) هذه أس المشكلة، فمتى ما خلا المواطن في هذه البلاد من مقومات المواطنة الحقة، فمهما جندت الوسائل ووفرت الإمكانات البشرية والمادية، يبقى الخلل قائماً، مصدره من لم تتولّد لديه مشاعر المسئولية تجاه الوطن والمجتمع ويقدرها، ومع ذلك فالوسائل المادية والتقنيات الحديثة لا بد من توفرها، لمواجهة هذا المرض المتولّد، من خلال تأمين حدود المملكة، لا سيما الجنوبية على طولها بالمراقبة الجوية والأرضية وتوفير العتاد والرجال، لتمشيط حدود المملكة على مدار الساعة، ومعاقبة من يتهاون في هذا الجانب، وخاصة من يأوي هؤلاء المتسللين أو يتستّر عليهم، باعتباره شخصاً خائناً لوطنه ومجتمعه، وأكبر معين لهؤلاء، ينقل المجرمين المهربين المدمنين المرضى لوطنه، بل ربما كان هو ضحية هؤلاء المتسللين، من خلال اعتداء أحد المتسللين على أحد أفراد عائلته أو نقل مرض خطير له، ملتصق أصلاً بهؤلاء المتسللين الذي يأويهم ويتنقل بهم بطرق مضللة من مكان إلى مكان، لا أحد ينكر الدور الكبير الذي تقوم به الجهات الأمنية في تعقب هؤلاء المجهولين المتسللين ودكّ أوكارهم والتضييق عليهم، وخاصة من قِبل رجال حرس الحدود ورجال الجوازات، الذين يدفعون ثمن حياتهم مهراً للوطن، ولكن لا زال المواطن يطمع ويطمح في المزيد من الدور من قِبل الجهات الأمنية في تعقب هؤلاء، فالحدود يعبرها آلاف من البشر يومياً، وتحتاج إلى أعداد كافية من رجال الأمن في تلك المناطق الحدودية، بالإضافة إلى زيادة مراكز الجوازات، لتغطية القطاع الجنوبي الحدودي بأكمله، يا جماعة الخير هؤلاء المتسللون المجهولون، ناقوس خطر يدق في قلب الوطن عواقبه ظاهرة للعيان، سواء كانت أمنية أو اجتماعية أو اقتصادية أو صحية، فهلاّ أدرك المواطن (خاصة) ذلك؟! وهو يشاهد أمامه، (فيروس القنابل الموقوتة) يتجسّد بكثرة المتسللين المتسولين ... ودمتم بخير.
dr-al-jwair@hotmail.com