في عام 1947م، عندما صدر قرار هيئة الأمم المتحدة، بتقسيم فلسطين إلى دولتين، عربية، ويهودية، قد يستغرب الكثيرون، عندما يعلمون، بأن أول دولة اعترفت بإسرائل لم تكن الولايات المتحدة، أو بريطانيا، وإنما الاتحاد السوفيتي، وعندما درس الرئيس الأمريكي هاري ترومان الأمر مع مستشاريه، سأل عن مدى أهمية اللوبي الإسرائيلي (وهو كان مُقدم على انتخابات في عام 1948م) وشُرح له عن أهمية ذلك اللوبي، ثم سأل عن اللوبي العربي، فقال له المستشارون، بأن هناك جالية عربية في أمريكا، ولكنها غير مؤثرة، لأنهم لاجئون، وهاربون من الفقر، والظلم، والجهل في بلدانهم، ومن ثم لم يحققوا نجاحاً يذكر بعد في بلدهم الجديد!!
ما هو الوضع اليوم فيما يتعلق بالتأثير اليهودي في أمريكا، بعد 65 سنة من تلك الحادثة؟!:-
• يشكل اليهود نسبة 2% فقط، من مجمل السكان في الولايات المتحدة، ولكن تأثيرهم في المجتمع الأمريكي هو أكثر من ذلك بكثير، وفيما يلي بعض الإحصائيات:-
- يمثلون 33% من أعضاء المحكمة العليا.
- يمثلون 33% من مجموع ملاك ملايين الدولارات، و40% من ملاك بلايين الدولارات.
- آخر رئيسين للبنك المركزي الفيدرالي (جرينسبان، وبرنانكي)، هم يهود.
- سبعة من اثني عشر عضواً في البنك المركزي الفيدرالي، هم يهود.
- أكبر بنك تأثيراً، وهو بنك جولدمان ساكس، يرأسه يهودي.
- ستة من سبعة رؤساء مؤسسات إعلامية رئيسية، هم يهود.
- عمدة نيويورك، ومالك الإمبراطورية الإعلامية المالية (بلومبرج)، هو من أصل يهودي.
- مؤسس فيس بوك، ومؤسسي جوجل، هم من أصول يهودية.
- 15% من طلبة الجامعات المرموقة، بقيادة جامعة هارفرد، هم يهود.
- 10% من مجلس النواب، و6,5% من مجلس الشيوخ، هم من أصول يهودية.
- 50% من مجموع التبرعات للانتخابات الأمريكية، يدفعها اليهود (وقد تكون هذه أهم إحصائية مؤثرة في السياسة الأمريكية)، ومن ثم، وبالنسبة لأي مرشح أمريكي للرئاسة، فإن الحج إلى اجتماع منظمة إيباك، وهي التي تمثل حقوق، ومصالح اليهود في أمريكا، هو ركن أساسي لنجاح ذلك المرشح.
لماذا إثارة هذه الإحصائيات الآن؟! السبب هو أننا كعرب، شعب عاطفي، وكسول، نحب أن ندعي أن لنا أصدقاء كثر حول العالم، ومن ثم فنحن لا ندرس المتغيرات من حولنا، وعندما يتغير العالم من حولنا، نلجأ إلى نظرية المؤامرة، ونقول إننا أوفياء، ومخلصون، ولكن الآخرون تآمروا علينا، ولا نعي أن العالم يقدم المصالح على غيرها من المبادئ، ومنها مبدأ الصداقة، وخير مثال حديث على ذلك، هو تغير الموقف الأمريكي 180 درجة، من دعم مطلق لحكم الرئيس حسني مبارك، إلى دعم مطلق لحكم الإخوان المسلمين.
وبالمقابل نجد اليوم اليهود، وهم أقلّية في كل العالم، يعوّضون عن ذلك بجدّهم، واجتهادهم، وتركيزهم على العلوم.
لذلك أرجو أن نترك نظرية المؤامرة جانباً، وأن نركّز على نظرية المصالح، أو بمعنى آخر، أن ننتقل من عالم الخيال، إلى عالم الواقع.
mandeel@siig.com.sa