لأن القضايا والأزمات والمشاكل السياسية أشغلت قادة الدول العربية، فإن القضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية لم تجد الوقت والاهتمام الكافي والمطلوب من هؤلاء القادة.
تعقد القمم العربية والاجتماعات الوزارية لمعالجة القضايا السياسية التي تكاثرت وزاحمت القضايا الأخرى مما جعل أصحاب القرار ينحون القضايا التي تهم حياة المواطن إلى مراتب ثانوية، فتزدحم جداول أعمال مؤتمرات القمة بالقضايا السياسية وتعقد المؤتمرات الاستثنائية لمعالجة تلك القضايا، فيما تتراكم المشاكل والأزمات التنموية والاجتماعية في ظل تراجع معدلات التنمية وضعف البنى الاقتصادية مما جعل الدول العربية في مؤخرة الدول التي حققت مستويات تنموية تعالج القصور الذي تتسم به العديد من نواحي الحياة، وإذا كانت الدول تصنف بدول متقدمة ودول نامية، فإن الدول العربية لها تصنيفها الخاص بها، إذ لا توجد دول متقدمة في المنظومة العربية، فتصنف الدول العربية إلى دول أكثر نمواً، ودول نامية ودول أقل نمواً، ودول فقيرة، وحتى لا نغضب بعض الدول فإن تصنيف هذه الدول معروف ويستطيع حتى الإنسان غير المختص تحديد هذه الدول وتوزيعها على المجاميع الأربعة.
لكل هذه الأسباب وحتى لا تزاحم المشاكل السياسية القضايا الاقتصادية التنموية التي تعد الأهم بالنسبة للمواطن العربي في العصر الحاضر، فقد ارتُئي أن تخصص قمم تهتم بالقضايا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وإيجاد الحلول الناجعة لهذه القضايا التي أخذت تسبغ الحراك السياسي والمجتمعي العربي وهو ما أظهرته ثورات الربيع العربي التي كانت منطلقاتها ومسبباتها تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتنامي الفقر وانتشاره في كثير من طبقات المجتمع، ولهذا كان شعار المتظاهرين والمحتجين الذين فجروا تلك الثورات توفير العيش والكرامة، وطالما ارتبطت الكرامة بالعيش الكريم.
القمم الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية سبقت ثورات الربيع العربي، وهذا ما يحسب لأصحاب القرار العربي بأنهم أحسنوا قراءة تفاعلات المجتمعات العربية إلا أنهم لم يحسنوا المعالجة بدليل أن القمة الاقتصادية الأولى التي عقدت في الكويت، ثم القمة الاقتصادية الثانية في شرم الشيخ، ورغم ما صدر عنهما من قرارات إلا أن ذلك لم يساعد في وقف المد وخفض الفقر والعوز والحاجة الذي فجر الثورات وهو ما يفرض أن تكون قمة الرياض الاقتصادية والتنموية والاجتماعية قمة غير تقليدية، وهو ما يتطلب الارتقاء بقرارات ومبادرات متقدمة إلى مستوى تطلعات الشعوب العربية التي لا تريد قرارات لا تنفذ تضاف إلى ما اتخذ من قرارات كانت فوق القدرات على التنفيذ.
الشعوب العربية تريد قرارات تُنفّذ وتحسّن المستوى المعيشي وترفع من حياة الناس الذين تكاثر عدد من يلامس مستوى الفقر إن لم يكن أدنى منه.
jaser@al-jazirah.com.sa