يقول سقراط (تكلم حتى أراك)، ومعنى العبارة أن حديث المرء يكشف عن معدنه وشخصيته وفكره . أعجبني حديث الدكتور والعالم المصري أحمد زويل وتشخيصه للوضع التي تعيشه مصر . قال في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا إن على الحكومة العمل على لم الشمل والتوحد من أجل البناء والتنمية وترك الخلافات والاتجاه إلى مشاريع الإنتاج..

.. أكثر ما يلفت في حديث الدكتور زويل أنه لايمكن فصل الدين عن الدولة في مصر، وأن أمريكا نفسها لم تفصل الدين عن الدولة وخلفيتها مسيحية . بطبيعة الحال لايقصد -وهذا استنتاج شخصي- أن أمريكا تنبع سياستها العامة من التعاليم المسيحية وحسب الوصايا العشر، إنما قصد بذلك وهذا هو المعروف والمشاهد أن المحاكم الأمريكية تأخذ الكثير من أحكامها وعقوباتها من الإنجيل، بالإضافة إلى كثير من القوانين والأنظمة التي تعمل بها الحكومة الأمريكية وحكومات الولايات المحلية والتي لها خلفيات مسيحية، وهذا أمر طبيعي لأنه مرجع الأمريكيين على اختلاف أصولهم مهما ابتعدوا عن تطبيقه عمليا في حياتهم فيظل تأثيره على ثقافتهم وبالتالي على أنظمتهم وقوانينهم. وبالعودة إلى تصريح الدكتور زويل بهذا الشأن، أقول لهذا التصريح دلالة، وهو مدى العلم والعقلانية وبالتالي استشعار مكانة الدين الصافي لدى هذا الإنسان، لأن غيره من طبقة العلماء باختلاف تخصصاتهم لايتطرق إلى أهمية الدين عادة، أما تأثرا بعلماء الغرب والشرق اللادينيين أو انكفاء على تخصصهم العلمي وعدم الخوض في غيره. كذلك الشعور بالمسئولية وصدق الانتماء لوطنه مصر والذي تجسد في مدينته العلمية التي تحمل اسمه إذ أنشأها وقام بحملة لإقناع الباحثين والعلماء المصريين في الخارج للعودة والعمل بها والإسهام ببحوثهم لخدمة مصر وتنميتها، حيث يعمل بها حاليا 150 عالما وباحثا، فأي وفاء وتحضر من عالم حائز لجوائز دولية أبرزها نوبل للفيزياء عام 99 م ، وسمعة دولية مرموقة لم تثنه عن خدمة بلده الذي ولد ونشأ فوق ترابه . حديثه إلى الحكومة المصرية لاحتواء أطياف العمل السياسي المصري ولم الشمل، حديث العالم الذي علمته تجارب المعامل صفاء التفكير وتسلسل المنطق وتشخيص العلل، فأصدر وصفته التي خلت من العويل والصراخ وابتعدت عن التنظير والعواطف المتشنجة، فجاءت وصفة عالم واضحة ومباشرة. حقا إن مصر درة العرب ومخزن فكرها وما يصيبها يقلق كل عربي، فتاة النيل التي جهدت من عناء الركض في كل اتجاه بحثا عن استقرارها ولاستعادة جمالها وفتنتها، كان الله في عون أبنائها.. والله يرعاكم.