|
اعداد - فهد العجلان - نائب رئيس التحرير:
تواصل ندوة «قبة الجزيرة» في جزئها الثالث استكمال النقاش والتساؤلات التي طرحها الزملاء في أسرة تحرير «الجزيرة» وكتابها وكاتباتها على الدكتور عبدالله الربيعة وفريق وزارته.
الأسئلة تناولت رضا المواطن عن مستوى الخدمات الطبية، والشكاوى التي تتطلب حلولاً عاجلة، مروراً بتوسيع صلاحيات العمل الإداري بالمناطق، ومناخ الاستثمار الطبي في المملكة... فإل الندوة:
قياس مستوى الرضا عن الخدمات الصحية
الكاتب محمد المهنا أبا الخيل تساءل حول الخطة الإستراتيجية للتنمية الصحية في المملكة والتي اطلع على تفاصيلها في الموقع الإلكتروني للوزارة، وقال: أتمنى أن تكون إستراتيجية مستدامة لا ترتبط باستمرار الوزير أو خروجه عن الوزارة، ومن الجوانب التي لفتت انتباهي في الإستراتيجية هي القيم، ويبدو لي أن هذه القيم مستمدة من الشعور العام داخل الوزارة، لكن بقي هناك أمر مهم جداً يجب إضافته وهو المصداقية، فمنذ فترة كنت موظفاً وأتمتع بالتأمين الطبي، وعندما تحولت إلى العمل الخاص أصبحت أشتري التأمين دائماً عن طريق مؤسسات وشركات، ومنذ عام مضى بدأت شركات التأمين عمل برامج التأمين العائلي، وهذا مرده أن هناك حالة من عدم الثقة في الخدمات التي توفرها مستشفيات وزارة الصحة حتى من تلك التي هي أقل من التخصصية، فضلاً عن أن درجة اهتمام العاملين في هذه المستشفيات بالمراجعين تعتمد معايير النظر بعين التمييز الاجتماعي، فالشخص غير المهم قد لا يجد حظه من الرعاية والاهتمام، لذلك أتمنى من وزارة الصحة أن تهتم بهذه المسألة لتظهر للمواطن مصداقيتها، ولتشعره بأنه حين يقرر التوجه إلى المستشفى الحكومي فإنه سيجد الرعاية الصحية التي ينشدها. كما أن هناك نقطة مهمة يجب أن تتبناها الوزارة وهي عملية قياس الرضا لدى المواطن، والتي ينبغي استمرارها، إذ يجب معرفة مستوى تقييم المواطن لجودة الخدمات الصحية المقدمة له، وهذه النقطة يجب أن تمثل المحور الرئيس للإستراتيجية الوطنية للوزارة بخلاف القضايا الأخرى التي تواجهها. وفي رده قال وزير الصحة: نحن لا نختلف على أهمية المصداقية، فالتعامل مع البشر ليس بالأمر السهل ليس فقط في وزارة الصحة بل في كل المؤسسات، فنحن في الوزارة نعمل على تغيير هذه الثقافة لدى الممارس الصحي وجميع منسوبي الوزارة، لأنهم بشر ولغة التعامل ليست بالعملية السهلة كما ذكرت، وقبل تعييني وزيراً للصحة كان لدينا بعض المشكلات مع مراجعي المستشفيات من المواطنين، وبدأنا الآن في وضع برامج لإكساب الممارسين الصحيين مهارات التعامل مع المواطن، ونتمنى أن نحقق هذه المصداقية بيننا وبين المواطن قريباً، أما بالنسبة للعمل المؤسسي وقياس المصداقية فإنها متواصلة ومستدامة، ووزارة الصحة بنيت على إستراتيجية قائمة ومستمرة، ونتمنى للعمل المؤسسي الذي بدأ في الوزارة أن يتطور ولا يصبح مجرد جهود فردية.
مؤشرات الأداء في القطاع الصحي
وهنا تداخل الدكتور محمد خشيم قائلاً: كما تفضل معالي الوزير، فإن ثقافة القياس ليست بالمسألة التي يسهل التعامل معها كما قد يتصور البعض، ومؤشرات الأداء تبدأ بعدد قليل حتى الوصول إلى العديد من المؤشرات التي يمكن أن يقاس من خلالها مدى تقدم المؤسسة أو حتى القطاع الصحي، فعلى سبيل المثال يوجد الآن برنامج للمراجعة الإكلينيكية، حيث يتم قياس مدة انتظار المريض في الطوارئ ثم قياس مدة انتظاره الدخول لغرفة العمليات أو إجراء أشعة أو تحاليل، كل ذلك يتم من خلال شاشة عرض خاصة في كل مستشفى، بحيث يكون لها مؤشرات أداء متنوعة، وهي مؤشرات عالمية متعارف عليها، والهدف الرئيس إجمالاً هو تحسين جودة الأداء مقروناً بالأرقام والإحصائيات الموثقة. وفي مداخلته قال الدكتور منصور الحواسي: نعمل على التنسيق من خلال برنامج حقوق وعلاقات المرضى من خلال استمارات ترصد مدى رضا المراجعين في جميع المرافق بدءاً من الطوارئ ثم المراجعين وصولاً إلى العيادة، في المقابل، نعمل على تشجيع الجهات الأخرى لتقوم بدورها بتقييم خدمات وزارة الصحة، ومن شواهد ذلك، دراستان أجراها معهد الإدارة العامة وخلصت إلى أن مستوى الرضا عن الخدمات الصحية بالمملكة بلغ 70 %، وهتان الدراستان موثقتان لدى المعهد، أيضاً تشجيع الجامعات على دراسة مستويات الرضا من خلال أعمال بحثية من خارج الوزارة.
عدالة المشاريع وآليات العمل المؤسسي
من جهته تساءل الدكتور محمد الخازم قائلاً: نسمع بالخطة الإستراتيجية الوطنية المتكاملة والشاملة، إلا أنه لا يوجد تعريف بمعنى «المتكاملة الشاملة»، هناك حديث عن معايير صحية وحديث عن عدالة توزيع للخدمات الصحية، في حين نجد في جازان 14 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة، بينما في الجوف 30 سريراً لكل عشرة آلاف نسمة، مما يعني الضعف، ورغم ذلك نلاحظ أن عدد الأسرة في الجوف سيزيد خلال السنوات الأربع القادمة إلى حوالي ألفي سرير، بينما يصل العدد في جازان إلى 400 أو 500 سرير، وهذا يعني أن عدد الأسرة ستنقص في جازان بينما سيزيد عدد السكان بعكس ما هو عليه الأمر في الجوف، ويتضح من ذلك عدم وجود مراعاة في توزيع الخدمات الصحية على أرض الواقع حسب الاحتياج، ما يوحي بعدم وجود خطة واضحة لموازنة الصحة على مستوى المملكة. أما بالنسبة لتطوير الهيكل التنظيمي أو العمل المؤسسي لوزارة الصحة، فإن حجم المملكة واتساع رقعتها الجغرافية لا يمكن إدارته بطريقة مركزية وذلك وفق أبجديات العمل الصحي أو الإداري، فلا بد أن تعطى صلاحيات للعمل الإداري في المناطق، بحيث تتقلص الفجوة بين العمل المؤسسي المركزي والعمل في المناطق. وبالنسبة للرعاية الصحية الأولية فالمعروف أن مشكلتها تكمن في الموارد والكوادر البشرية حيث يلاحظ ضعف في إقبال الأطباء السعوديين على العمل في الرعاية الصحية الأولية بجانب أن هناك العديد من المراكز المستأجرة والمتهالكة. كما أن لدي تحفظاً على شراء الخدمة الصحية من القطاع الصحي الخاص وما يحدث في هذا الإجراء من مبالغة في أرقام التكلفة، الأمر الذي قد يشوبه شبهات فساد. ورد وزير الصحة قائلاً: بخصوص توزيع الخدمات الصحية فالمعيار الذي تبنته وزارة الصحة مبني على أساس عدد السكان والانتشار الجغرافي وذلك بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط وبناء على إحصائيات وطنية وليست اجتهادات أو آراء أشخاص، أما بالنسبة للمشاريع الحالية والمستقبلية، ففي جازان سيتم تأمين 2200 سرير، كذلك أيضاً هناك فرق بين الهيكل وبين الصلاحيات، ونحن على استعداد لإطلاعك على آلية توزيع الصلاحيات لترى حجم الصلاحيات التي أعطيت للمناطق، وجميع المشاريع التي تطرح فيها، وحجم ما يوقعه مديرو الشؤون الصحية بالمناطق، لذلك يجب أن تفرق بين الهيكل الإداري وبين ما يمنح من صلاحيات لتسيير العمل، لكن في وزارة الصحة يجب عليك أن تنظر أيضاً لحجم وضخامة العمل الوطني الذي يحاج لهذه التخصصات ومقارنته بأي وزارة في العالم، كندا لديها 11 وزير صحة وهياكلها أكبر من هياكلنا بكثير، أنظر إلى بريطانيا مثلاً وقارن. وأضاف الدكتور الربيعة: طبعاً بالنسبة للرعاية الصحية الأولية وأرقامها، أود الإشارة إلى أن هناك فرقاً بين المشاريع المنشأة حالياً وبين المستأجرة وإن اختلفت في الأسماء فالمحصلة واحدة، لأنها جميعها تخدم القطاع الصحي وفق ما يتوفر فيها من إمكانات بشرية ومادية، أما بالنسبة لموضوع شراء الخدمة وعلاقة ذلك بشبهات فساد، فإذا كان لديك أدلة على شبهة فساد سنكون سعداء باطلاعنا عليها ومواجهتها وهذا هو أساس التعاون. فيما علق الدكتور يعقوب المزروع قائلاً: المشروع الوطني يتحدث عن 2.5 سرير لكل 1000 من السكان في أية منطقة، وهذا سيتحقق في نهاية السنوات الست القادمة أي عام 1440هـ، وبملاحظة ذلك نجد مثلاً أن عدد سكان مدينة الرياض يبلغ 5 ملايين نسمة، فبالتالي ستحظى بعدد أكبر من المراكز التخصصية بخلاف مدينة أخرى عدد سكانها مليون أو 500 ألف نسمة. وعاد وزير الصحة ليؤكد بالقول: برنامج «الإحالة» يدرس كل إحالة إلى المدن سواء كانت المدينة داخل المنطقة أو المدن في المناطق الأخرى، وقد أظهر المؤشر في العام الماضي نقص الإحالة بمدينة الرياض حوالي 15%، وبرنامج «الإحالة» بعد إطلاقه بـ6 أشهر أو عام سيحوي أرقاماً إلكترونية، وإذا تأكدنا من دقة هذه الأرقام ومصداقيتها فسنضعها في وسائل الإعلام.
دور الوزارة في تعزيز الاستثمار الصحي
الزميل فهد العجلان نائب رئيس التحرير، تساءل حول دور الاستثمار الصحي الخاص في التخفيف على الطلب المتزايد على خدمات الوزارة، مؤكداً أهمية دعم واستقطاب الاستثمارات الطبية الضخمة التي تقدم خدمات نوعية تحتاجها المملكة في هذه المرحلة وبأسعار في متناول المواطن، وأضاف العجلان: نستمع بين فترة وأخرى الى تذمر المستثمرين في هذا القطاع وخصوصاً المشاريع الكبرى عن بيروقراطية دفعتهم الى الاستثمار خارج المملكة وفي بعض دول الجوار مثل دبي... فاستكمال تراخيص المشروع الطبي في المملكة تمر بدورة طويلة قد تأخذ 4 أشهر في إدارة المرور فقط، بينما في بعض دول الخليج لا يتجاوز الأمر أسابيع قليلة... ألا ترون أهمية أن يكون للوزارة موقف تجاه هذا الوضع؟
فأجاب وزير الصحة: أعتقد أن سؤالك ذو شقين استثمار صحي، وتراخيص للقطاع الخاص، لذلك سأترك المجال للدكتور محمد اليمني ليوضح توجه الوزارة في الاستثمار الشمولي ودورها في هذا المجال الذي أعتقد أنه سيخدم الوطن في نقل وتوطين التقنية التي ستحتاجها المملكة مستقبلاً، كما أرجو من الدكتور على زواوي توضيح آليات وزارة الصحة ومعاييرها الطبية في منح التصاريح للقطاع الخاص لإنشاء المرافق الصحية. فتحدت الدكتور محمد اليمني قائلاً: لدى وزارة الصحة الآن توجه كبير بخصوص الاستثمار الصحي بما لا يثقل كاهل المواطن أو المقيم، ومن هذا التوجه أقول إن التنوع في الهيكل خدم فكرة التوجه للاستثمار الصحي، لأن هذا التنوع أوجد وكالة مساعدة لاقتصاديات الصحة، وأنتم جميعاً تعرفون أن هذا هو المسمى العلمي المقبول للاستثمار في الصحة، لأن الاستثمار في الصحة ليس المقصود به الربح ولكن المقصود به تنوع مصادر الدخل حتى تستطيع أن تعالج بعض أوجه القصور، فالوزارة أنشأت وكالة مساعدة وعينت عليها وكيلاً مساعداً من القطاع الخاص له خبرة في هذا المجال حتى يبحث عن طريق الاستثمار لوزارة الصحة، فنحن الآن نعمل معه في إطار شراكات وزارة الصحة، ونستطيع أن نعكس تلك الخدمات من خلال هذا المجال لتنوع مصادر الدخل للوزارة، فمثلاً نشتري أجهزة، ومن الممكن أن تسهم إجراءات الاستثمار التي تتبناها الوزارة في تصنيع تلك الأجهزة مع بعض الشركات بحيث توفر وزارة الصحة لهذه الشركات بيئة استثمار بالتنسيق مع وزارة التجارة وإيجاد فرص جيدة وتنافسية. وأضاف الدكتور اليمني: كما تقدمنا بطلب لإنشاء شركة ضامنة لوزارة الصحة حتى تستطيع الوزارة من خلال هذه الشراكات زيادة مواردها تحت مظلة هذه الوكالة المساعدة، الأمر ذاته ينطبق على صناعة الدواء، حيث يمكننا توفير الوسائل المشجعة على الاستثمار في هذا المجال. وقد تلقت وزارة الصحة خطاباً رسمياً من منظمة الصحة العالمية وهي الذراع الصحي للأمم المتحدة تقترح صناعة لقاحات حية في المملكة، وهذا يعني أن هناك فرصاً كبيرة للاستثمار في هذا المجال، وعلاوة على ذلك فوزارة الصحة تعمل حالياً على دراسات مشتركة مع وزارة التجارة ووزارة البترول والثروة المعدنية والشركة السعودية للصناعات الأساسية «سابك» وتجمعات صناعية أخرى، ولدى هذه الجهات قناعة تامة بهذا التوجه. كما تعلمون أن التأمين الصحي بمفهومه الواسع ما زال في بدايته، والمدن الصغيرة خرج نطاق الشرق الأوسط والغرب لا يوجد بها قطاع خاص يغطي هذا الاحتياج، إلا أن وزارة الصحة في المملكة أولت هذا الجانب أهمية قصوى باعتباره أحد مصادر التنوع في تقديم الخدمات الصحية، وهناك أيضاً إدارة عامة ثالثة وهي إدارة التصنيع الصحي والاستثمار تقع عليها مسؤولية تفعيل الشراكات لتصنيع الأجهزة والأدوية واللقاحات. بدوره علق الدكتور علي الزواوي قائلاً: بخصوص المستشفيات والتراخيص فلدينا في المملكة 133 مستشفى مرخص و100 مستشفى تحت التأسيس حاصل على ترخيص إداري وإنشائي، أي أن وزارة الصحة تعمل على تشجيع الاستثمار الصحي. أيضاً لا يوجد مركزية فيما يتعلق بإصدار التراخيص، حيث تنتشر إدارات منح التراخيص ضمن مديريات الشؤون الصحية في 21 منطقة، بعد استيفاء الترخيص خلال فترة بسيطة، كما أن الوزارة الآن تطبق الخدمات الإلكترونية، حيث تم ربط جميع مناطق المملكة إلكترونياً وذلك لاستخراج تلك التراخيص. وهنا تساءل الزميل فهد العجلان: هل وقفت الوزارة على الأسباب التي دفعت بعض المستثمرين للخروج الى الدول المجاورة؟ فأجاب الدكتور علي زواوي: المستثمر الذي ذهب لإنشاء مستشفى في دبي لديه خمسة مستشفيات داخل المملكة، أما من جهة وزارة الصحة فهي تسعى لتشجيع المستثمرين، خصوصاً إذا علمنا بأن هناك أربع مناطق في المملكة لا يوجد بها مستشفيات خاصة، وتعد أرضية خصبة للاستثمار، لكن للأسف أن بعض الدراسات أشارت إلى عدم جدوى الاستثمار في هذه المناطق.
مراكز لعلاج مرضى السكر
أوضح الدكتور منصور الحواسي في مداخلته خلال الندوة أن وزارة الصحة أنشأت 21 مركزاً لعلاج مرض السكري موزعة على جميع المناطق المملكة، لافتاً إلى أن الوزارة بصدد ضم الخدمات الخاصة بمرض السكر في مبنى واحد بدءاً من قسم الملفات الصحية وصولاً إلى الأطباء المتخصصين بمعالجة ومتابعة حالات مرضى السكري وأطباء العيون ومسؤولي رعاية التأمين، والأقسام الخاصة بالتأهيل. فيما أشار الدكتور صلاح المزروع إلى وجود لجنة خاصة بتنقية الدليل المتعلق بأدوية مرضى السكر، حيث قامت اللجنة بمراجعة جميع الأدوية وأصدرت دليل الأدوية الجديد الذي دشنه وزير الصحة قبل عامين، وقد تم تجديد جميع أدوية السكر ومن ضمنها علاج الأنسولين، وهو متوفر في كثير من المناطق، وفي المستقبل القريب ستؤمن الوزارة للمرضى في منازلهم أجهزة لتحليل نسبة السكر، وهذا يأتي ضمن الخطة المستقبلية للوزارة، والتوجه العام الآن هو توفير جميع أدوية السكر في مراكز الرعاية الصحية بالإضافة إلى المستشفيات والمراكز المتخصصة.
التوسع في برامج التدريب الصحي
بدوره تحدث الزميل الكاتب الدكتور حمزة السالم عن قضية الأسرة في المستشفيات وقال: طبقاً للأرقام المعلنة فالنمو في عدد الأسرة حوالي 3 % سنوياً، وهو أقل من النمو المحلي أو حتى نمو القطاع الخاص، وأعلم تماماً أن هناك إشكالات وتحديات في هذا الخصوص لكن شكاوي المواطنين جراء معاناتهم مع الرعاية الصحية بدأت تزداد بشكل ملحوظ، وهذه المسألة تتطلب وضع حلول عاجلة على المدى القصير، وحتى لا أتهم بأنني أعيش الخيال فهناك برامج وخطط ومشاريع أنجزتها الوزارة وما زالت تنجز، ولكن المواطن بحاجة إلى منجزات ملموسة فكيف للوزارة أن توازن بين إنجازاتها الملموسة بجانب دورها الخدمي؟ فأجاب وزير الصحة: يعلم الجميع أن وزارات الصحة على مستوى العالم ومنها التي تنفق ملايين الدولارات تعد على المحك، ففي اجتماعاتنا مع نظرائنا من وزراء الصحة في عدة دول نسأل بعضنا بعضاً سواء كنا من العالم النامي أو المتقدم عن المشكلات الصحية والمستجدات ونناقش الإشكالات ونطرح حلولاً لها، والمعروف أن وزارات الصحة على مستوى العالم هي محل نقد دائم من المواطن، وهذا الأمر ليس بجديد علينا كوزراء للصحة، ففي بريطانيا مثلاً ورغم تخصيص الحكومة هناك ميزانيات ضخمة لوزارة الصحة، إلا أن مواطنيها غير راضين مطلقاً عن ما يقدم لهم من خدمات صحية، كذلك الأمر في الولايات المتحدة الأمريكية، ونحن من جهتنا مؤمنون بأن هذه المسؤولية قدرنا، وبالتالي نسعى لإرضاء المواطن بقدر الاستطاعة من خلال الحرص على جودة الخدمات الصحية التي نقدمها له، وهناك الكثير من المبادرات التي تقوم بها وزارة الصحة في هذا الشأن. وأردف وزير الصحة قائلاً: ومن الحري بنا ذكره في هذا المقام أن إشكالات القطاع الصحي لا تكمن في المنشآت، بل إن أكبر محور تحد يواجهه القطاع على مستوى العالم هو محور القوى العاملة والموارد البشرية، حيث نعاني من نقص كوادر صحية في تخصصات معينة يقدر بـ 7 إلى 10 %، وهذا تحد عالمي وليس في المملكة فقط، وعلى الرغم من ذلك، فقد برز مؤشر إيجابي في المملكة، تمثل في مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد العزيز والتي أحدثت نقلة في الكليات الصحية وزيادة عددها من 7 كليات طب إلى أن أصبح 30 كلية، كذلك تضاعفت أعداد كليات التمريض والعلوم الطبية التطبيقية، وجميع هذه المعطيات تدعو إلى التفاؤل، أما ما يتعلق بجوانب التدريب، فقد اجتمعنا مؤخراً بالقيادات الصحية في الوزارة، ولمسنا قناة الجميع بأهمية التوسع في برامج التدريب. وكما تعلمون مهما عملنا ووضعنا الخطط والبرامج والمشاريع ستبقى هناك مشكلات بصورة أو بأخرى حتى في القطاع الخاص، لكن رغم ذلك فهناك مؤشرات نجاح كبير، فخلال السنوات الأربع الماضية قمنا بتشغيل 54 مستشفى وتشغيل 571 مركز رعاية صحية أولية، ومن المتوقع أن ننتهي هذا العام من تشغيل 29 مستشفى، اثنان منها في مدينة الرياض. أما العام القادم فسيشهد تسلم الوزارة 30 مستشفى من المقاولين جُلها من الحجم الكبير بسعة 500 سرير. وأضاف الدكتور الربيعة: هذه في مجملها مؤشرات إيجابية سوف يراها ويلمسها المواطن، في المقابل فإن النموذج الذي اتبعته وزارة الصحة في بناء المستشفيات لا يقل عن نماذج الدول المتقدمة، فقد استفدنا من الكود الأمريكي والأسترالي وأدخلنا عليه بعض التحسينات، في حين نجد أن كل المشاريع الجديرة بالاهتمام تقوم على أساس مريض واحد في الغرفة أو مريضين كحد أقصى، هذا المنجز سوف يحسن من جودة الرعاية الصحية المقدمة للمريض، ويحتاج في الوقت نفسه إلى حملة إعلامية تقوم بها الوزارة لتسليط الضوء عليه.
العمل على تصحيح بعض الأوضاع
الكاتبة سمر المقرن أشارت إلى مشكلة العمالة المنزلية، فقالت: بعد أن تحملنا التكاليف الكبيرة لاستقدام العمالة المنزلية، نتحمل الآن تكاليف علاجهم، وعند مراجعة المراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة، لا نجد الوسائل اللازمة لعلاج بعض الحالات كآلام الأسنان والالتهاب الرئوية على سبيل المثال، وهذه من جملة الإشكالات التي نتمنى إيجاد حل لها. لا سيما وأن هذا الأمر يستنزف مدخرات أسر تضطر لعلاج عاملاتها المنزليات في مستوصفات خاصة وتدفع مبالغ كبيرة جراء ذلك لعدم وجود تأمين صحي. فالسؤال: لماذا لا يكون هناك رعاية صحية تليق بنا، للمواطن وللعاملة المنزلية وللمقيم مثل تلك التي تقدم في البحرين على سبيل المثال، فقد أقمت فيها عاماً كاملاً، ووجدت المراكز الصحية والاهتمام والاستقبال الطيب وصرف العلاج اللازم دون مقابل مالي، شأني في ذلك شأن المواطن، لماذا لا نرى ذلك في بلادنا؟ الأمر الآخر متعلق بعلاج الأسنان وعلاج العيون، حيث نرى الآن أن الغالبية من تعدت أعمارهم الـ55 سنة لديهم مشكلات أو أمراض فلماذا لا يعالجون في المستشفيات الحكومية، حيث لا تستقبلهم هذه المستشفيات إلا بأمر أو «وساطة»، كما نلاحظ أن المستشفيات المتخصصة التي صرفت الدولة عليها المليارات لا يمكن للمواطن العادي أن يتلقى العلاج فيها إلا بتحويل، وهذا التحويل يعرض على لجنة طبية للنظر فيه، ما يعني طول انتظار، وكذلك المرأة الحامل تعاني حين تذهب للولادة، ما ذكرته جزء من معاناة المواطن العادي وكذلك المقيم مع واقع القطاع الصحي في بلادنا. ففي أية دولة في العالم هناك حق طبيعي للإنسان في العلاج بصرف النظر عن أنه مواطن أو مقيم، وأود الإشارة أيضاً إلى مشكلة قسم الطوارئ بمستشفى الشميسي الذي يعاني من التكدس وعدم وجود غرف للمرضى، كذلك الكادر الفني للأطباء لماذا لا يتم مساواة هذا الكادر بزملائهم الأجانب وخصوصاً الفلبينيين؟، سؤال آخر: هل ما يشاع من أن وزارة الصحة تواجه أزمة أطباء سواء في مجالات التخصصات النادرة أو فيما يتعلق بالاستقدام وأن ذلك سبب تأخر تدشين مشاريع طبية جديدة، ولماذا لا نرى امرأة مديرة مستشفى يا معالي الوزير؟
أجاب وزير الصحة: نحن نتقبل النقد ونرحب به، والواقع يقول إن المشكلات موجودة وأيضاً الحلول موجودة، ولكن هذه الحلول تحتاج منا الوقت الكافي، والوزارة كما ذكرت ظلت 20 سنة بدون مشاريع جديدة، ونحن الآن نعمل على تصحيح بعض الأوضاع والمشكلات، سئلت ذات مرة عندما صدر الأمر الملكي بخصوص إنشاء المدن الطبية، أين المدن الطبية التي صدر بها أمر ملكي؟ طبعاً للذي يعمل في الحكومة يعرف أن الأمر الملكي يظل فترة، لأننا نحتاج إلى تخطيط ثم تنفيذ، فمثلاً لتخطيط المستشفى ولا أقول المدينة طبية، هناك خطوات ومراحل للتنفيذ، فما بالك بمدينة طبية تحتاج أرضاً تبنى عليها، ثم وقتاً لصرف المبالغ وتحتاج تخطيطاً دقيقاً وفق أحدث المعايير، ثم تطرح كمشروع في منافسة لتأتي مرحلة التنفيذ، كل هذه مراحل تحتاج إلى وقت، فالوزارة حالياً تعمل على تنفيذ الأشياء العاجلة والتي تشعر أن بها قصوراً، وفي مدينة الرياض لوحدها يوجد مشاريع كثيرة ليس لها أراض تقام عليها، وننتظر شراء أراض أو أن تخصص الدولة أراضي لنتمكن من إنشاء تلك المشاريع، فهذا واقع يجب أن نعيشه والمسألة تحتاج لوقت والعمل مستمر. فيما يتعلق بعلاج العاملات المنزليات فهذا واجب علينا، وذلك لا يعني عدم وجود أوجه قصور في بعض المراكز التابعة للوزارة، وقد أنشأنا علاقات مرضى مهمتها تبليغنا بأوجه القصور حتى نعمل على تلافيها ومعالجتها، ولدينا خط ساخن في الوزارة لتلقي الشكاوي، حيث نعمل على حلها. أما بالنسبة للكادر الفني فأعتقد أن الكادر الجديد عالج هذه المسألة، أما مسألة أزمة وندرة الكوادر فهذه تعاني منها كثير من دول العالم كما سبق وذكرت، وأما ما يتعلق بعدم وجود امرأة كمديرة مستشفى حتى الآن، فلدينا ما هو أعلى من مديرة مستشفى، وللعلم فإن وزارة الصحة تتبع نهج تعيين الأكفأ، ولا يوجد تفرقة سواء كان رجلاً أو امرأة.
*****
المشاركون في الندوة من وزارة الصحة:
- معالي الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة
- معالي الدكتور محمد خشيم نائب الوزير للتخطيط والتطوير
- معالي الدكتور منصور الحواسي نائب وزير الصحة للشؤون الصحية
- د. يعقوب المزروع أمين عام مجلس الخدمات الصحية
- د. صلاح المزروع وكيل الوزارة للإمداد والشؤون الهندسية
- د. محمد اليمني وكيل الوزارة للتخطيط واقتصاديات الصحة
- د. علي الزواوي وكيل الوزارة المساعد لشؤون القطاع الخاص
- د. محمد باسليمان وكيل الوزارة المساعد للرعاية الصحية
- د. منيرة العصيمي وكيل الوزارة المساعد للخدمات الطبية المساعدة
- د. عفاف التويجري مدير عام الإدارة العامة للتدريب والابتعاث
- د. علي القحطاني مستشار الوزير لشؤون المناطق
- د. خالد مرغلاني المتحدث الرسمي بإسم وزارة الصحة
- م. سعد آل الشيخ مدير عام المشاريع بالوزارة
- د. عدنان العبدالكريم مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة الرياض
*****
المشاركون في الندوة من أسرة (الجزيرة):
- خالد المالك رئيس التحرير
- عبدالوهاب القحطاني نائب رئيس التحرير
- فهد العجلان نائب رئيس التحرير
- جاسر الجاسر مستشار التحرير
- منصور الزهراني مدير التحرير للشؤون المحلية
- د. عبدالله أبا الجيش كاتب وصحفي
- حبيب الشمري مساعد مدير التحرير للشؤون المحلية
- فداء البديوي مديرة القسم النسائي المكلفة
- نبيل العبودي نائب رئيس القسم الرياضي
**
الكتاب:
- د. أحمد الفراج
- د. عبدالعزيز الجارالله
- محمد آل الشيخ
- د. حمزة السالم
- د. محمد الخازم
- د. يوسف المحيميد
- د. جاسر الحربش
- محمد المهنا أبا الخيل
- د. عبدالعزيز السماري
- د. عبدالرحمن الحبيب
- د. محمد العبداللطيف
- محمد العنقري
- خالد البواردي
**
الكاتبات:
- د. فوزية أبو خالد
- د. فوزية البكر
- سمر المقرن
- رقية الهويريني
- فوزية الجار الله
- كوثر الأربش
- أمل بنت فهد
غداً الجزء الرابع