هل علينا أن نعمل على تطوير قطاع، أو الحد من فساد، وأعيننا على المؤشرات العالمية، ننظر في ترتيب المملكة مقارنة بدول العالم، وكما لو كنا أحد المضاربين في سوق الأسهم الذي لا تغفل عينه وقلبه عن لوحة مؤشرات السوق؟
أظن أن الأمر لا يستحق هذا العناء، لأننا سنبذل جهداً، وربما مالاً، كي نكسب بضعة نقاط هنا أو هناك، فقط لكي نصرّح في الصحف المحلية، أننا كنا في المرتبة كذا، وأصبحنا في المرتبة كذا، ثم ماذا إذا كان الوضع كما هو عليه.
نعسنا لسنوات طويلة، ونحن لا نعرف أوضاع جامعاتنا، ونعتقد أنها أعظم جامعات العالم، ومع أنها كانت معقولة نسبياً على مستوى المخرجات قبل ثلاثين عاماً، إلا أنها بدأت تنحدر شيئاً فشيئاً، حتى أصبح مستوى الطالب الجامعي لا يختلف عن مستوى طالب الثانوي، إن لم يكن أسوأ في بعض الحالات.
تخدرنا لسنوات طويلة، ونحن نقول إن منتخبنا الوطني أعظم منتخب عربي، وأن دورينا السعودي هو أقوى دوري عربي، وأننا أسياد آسيا لمدة ربع قرن، وأننا تأهلنا لدور الستة عشر في المونديال العالمي، وأننا.. وأننا، حتى اكتشفنا أننا في ذيل قائمة دول الخليج رياضياً، وأن منتخبنا أصبح منافسه الوحيد هو اليمن الشقيق، حتى تكاد أن تصبح مباراتنا معه من نوع (الديربي)، لأنه حتماً يخطط كيف يفوز علينا في السنوات القادمة، بينما نحن مهمومون بترتيبنا في سلم المنتخبات العالية، وهمنا الوحيد هو كيف نتقدم في قائمة الترتيب، وندفع الملايين لكي تقبل دول الأرجنتين وأسبانيا أن تقابلنا ودياً، ليس لتطوير مستوانا، بل للتحرك في سلم المنتخبات!.
وها هو المصدر المطلع يخبرنا أن تراجع المملكة في المؤشر العالمي للشفافية الدولية إلى المرتبة 66 بعد أن كانت في المرتبة 57 عام 2011م، يعود إلى أن عمليات الترتيب ليست خاضعة لحجم زيادة الفساد، وإنما لمدركات الفساد.. إلخ. ويا أيها المصدر المطلع يتمنى المواطنون، وأنا أحدهم، ألا تنشغل بالترتيب والمدركات وما جاورهما، بل عليك أن تقنعنا بأن المسائل الرقابية، ومعاقبة المفسدين، وسن القوانين الصارمة، هي ما يحدث على أرض الواقع، لأن حدوث ذلك، يعني أن تتقدم حياتنا في جميع أوجهها دونما الحاجة إلى النظر في ترتيبنا في مؤشر الشفافية العالمية، نتمنى أيها المصدر المطلع، أن تطلعنا على ما يحدث أولاًَ بأول في هيئة مكافحة الفساد، نريد أن تدير رأسك نحونا هنا في الداخل، نحن لا نهتم بأن تلبي متطلبات الخارج، ولا مؤشراته، ما يهم هو أن نجد مشروعات الوطن تنفذ على أكمل وجه، وفي الوقت المحدد، وبالتكلفة المنطقية المعقولة حينما نقارنها بتكاليف مشروعات مشابهة في دول الجوار، أما ما عدا ذلك فلا يعنينا إطلاقاً.