|
أدلى الدكتور راسم رضاييف سفير جمهورية أذربيجان في المملكة العربية السعودية بتصريح صحفي حول الذكرى الثالثة العشرين للعدوان السوفياتي السابق على جمهورية أذربيجان وبمناسبة إحياء سفارة أذربيجان لدى المملكة لذكرى شهداء مأساة العشرين من يناير عام 1990م.
حيث أفاد السفير بأن هذه الذكرى الأليمة تعيش في وجدان الشعب الأذربيجاني ويستذكرها كل عام تخليدا لذكرى الشهداء والأبرياء الذين سقطوا جراء العدوان السوفياتي السابق لقد طبعت هذه المأساة في ذاكرة الشعب الأذربيجاني وتناقلتها الأجيال جيلا بعد جيل لما تمثلته من اعتداء وعدوان سافر على حق شعب أذربيجان في الحياة وانتهاك صارخ لحضارة وتاريخ هذا الشعب العريق دون أي مبرر لمثل هذا العدوان.
وأضاف إن بوادر هذا العدوان في عام 1988 تجلت عندما قام زعماء الحزب الشيوعي للنظام السوفياتي السابق بمحاولات جدية لفصل منطقة ناغورني قارباغ الجبلية التي هي جزء لا يتجزأ من التراب الوطني الأذربيجاني ومحاولة ضمها إلى جمهورية أرمينيا. ونتيجة لاختلال موازين القوى ونفوذ الأرمن لدى قيادة الاتحاد السوفياتي السابق فقد تم احتلال منطقة ناغورني قارباغ وجزء آخر من المناطق التي تمثل 20% من مجموع مساحة أذربيجان وذلك بمساندة ودعم مطلق من قبل قيادة وقوات النظام السوفياتي السابق وأدى ذلك إلى تهجير وتشريد السكان الأصليين من أراضيهم التاريخية وتحويلهم إلى لاجئين الذيم في وطنهم أذربيجان يكابدون أشد الظروف المعيشية في مخيماتهم التي تفتقد إلى أبسط مقومات الحياة الإنسانية.
وقال إن الشعب الأذربيجاني هب كنتيجة طبيعية للعدوان على أراضيه في تلك الحقبة الزمنية لمقاومة الاحتلال عن طريق تنظيم المظاهرات الحاشدة والتجمعات الجماهيرية السلمية التي تعبر عن رفض واستنكار سياسة النظام السوفياتي السابق ومساندته ودعمه المتواصل لجمهورية أرمينيا وتعبيرا عن تضامن اللاجئين الأذربيجانيين الذين تم تشريدهم وإبعادهم من مدنهم وقراهم في منطقة ناغورني قارباغ ، حيث شكلت هذه المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة نواة للحركة التحررية لجمهورية أذربيجان.
وهنا يجدر القول إن ردة الفعل السوفياتي كانت على هذه الاحتجاجات باستخدام القوة المفرطة ضد الشعب الأذربيجاني الأعزل واجتياح القوات السوفياتية الخاصة عاصمة أذربيجان باكو والعديد من المدن الأذربيجانية الأخرى ليلة التاسع عشر من يناير عام 1990، مستخدمة أحدث الأسلحة المتطورة في ذلك الوقت حيث وجه الجنود السوفييت نيران أسلحتهم الفتاكة نحو الشعب الأذربيجاني في كل اتجاه وقد سقط المئات المئات من المدنيين الأبرياء بين قتيل وجريح.
إن هذا العدوان قد مثّل بطبيعته الشرسة انتهاكا فاضحا لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تضمن حرية وسيادة الأوطان وتحقيق العدالة الدولية واحترام حقوق الإنسان، بل إنه كان بمثابة اعتداء سافر على الكرامة والسيادة الوطنية للشعب الأذربيجاني.
وأشار السفير: من الضروري التذكير بأن أحد أهداف هذا العدوان هو إحداث تأثير معنوي وفكري وأيدولوجي على الشعب الأذربيجاني وذلك من أجل إجهاض حركة التحرر الوطني وقتل الروح المعنوية لمقاومة الاحتلال وبث سياسة الخضوع والاستسلام للنظام السياسي السوفيتي السابق.
وإنني هنا أود التأكيد على أن الشعب الأذربيجاني بالرغم من حجم وفظاعة المعاناة فقد تعاضدت وتكاتفت كافة شرائح وفئات المجتمع على مقاومة ورفض الاحتلال السوفياتي ودفعت إلى الأمام عملية التحرر الوطني التي تكللت بنيل أذربيجان استقلالها عام 1991م.
عملت أذربيجان على بناء الدولة الحديثة والمجتمع المدني القائم على المؤسسات والتعددية وبالرغم من أن التحديات كانت كبيرة في بناء المجتمع والدولة ورغم الآثار السلبية التي تركها العدوان السوفياتي على المجتمع الأذربيجاني ككل واستمرار احتلال منطقة ناغورني قارباغ من قبل أرمينيا إلا أن الشعب الأذربيجاني بفضل قيادته الحكيمة تمكن الحديثة من بناء دولته ومجتمعه المدني بروح من الإصرار والتفاؤل والأمل في مستقبل مشرق.
كما تجدر الإشارة أن قضية ناغورني قارباغ العادلة قد تصدرت منذ بداية الاحتلال الأرمني أولويات عمل المنظمات الدولية كمنظمة الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الاسلامي اللتان أصدرتا قرارات تدين العدوان الأرمني وتطالب بسحب القوات الأرمينية من منطقة ناغورني قارباغ الأذربيجانية. ومع مرور الوقت ونتيجة لجهود الدولة والشعب الأذربيجاني ومساندة الأشقاء في مختلف دول العالم العربي والإسلامي فقد بدأ المجتمع الدولي بتفهم ومساندة قضية أذربيجان العادلة ويسعى لضرورة إيجاد حل عادل للنزاع الأرمني الأذربيجاني بالطرق السلمية ومطالبة أرمينيا بحق أذربيجان التاريخي في منطقة ناغورني قارباغ.
واختتم تصريحه بالقول إن: أذربيجان اليوم دولة مستقلة حديثة استحقت اعتراف المجتمع الدولي ككل، وهي عضو كامل وفعال في مختلف المنظمات والهيئات الدولية المرموقة كمنظمة الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي وغيرها من المنظمات الدولية الأخرى. وحرصت أذربيجان منذ استقلالها على إقامة تمثيل دبلوماسي وافتتاح سفارات في مختلف دول العالم ، والبلدان العربية والاسلامية. كما وتحرص أذربيجان دائما على الاحتفاظ بعلاقات الصداقة والتعاون وحسن الجوار.
وقد تمكنت أذربيجان خلال فترة وجيزة من استقلالها على تأسيس نظام ديمقراطي مبني على التعددية السياسية وحققت خطوات وإنجازات جبارة نحو تطبيق سياسة اقتصاد السوق الحر على نظامها الاقتصادي الأمر الذي شجع وجلب الاستثمارات الأجنبية وأدى إلى نقلة نوعية في الاقتصاد الأذربيجاني.
ومن موقعي هنا كسفير لجمهورية أذربيجان لدى المملكة العربية السعودية أود في هذا المقام أن أشيد وأثمن مواقف السعودية المبدئية تجاه دعم ومساندة كافة قضايا جمهورية أذربيجان والسعي الدائم إلى تطوير العلاقات الأخوية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وقد تتوج ذلك بوجود الرغبة المشتركة بين قادة البلدين والتي تربطهما صداقة مميزة وقد ساهم ذلك بتفعيل وتطوير علاقات التعاون الثنائية بين البلدين وتكللت هذه الجهود بالنجاح والسعي دوما لإيجاد آلية جديدة لتفعيل مسيرة التعاون.
وتوسيعها على مختلف الأصعدة والمجالات ولا زالت الخطوات متسارعة نحو توسيع مستقبل هذه العلاقات لتحقيق قفزات نوعية كبيرة وجديدة على صعيد هذه العلاقات.