في الدول المتقدمة، حينما يتقاعد صاحب الخبرة المتميزة، فإنه ينشئ مكتباً للاستشارات، يخدم من خلاله نفسه وبلاده. ونادراً، وقد يكون مستحيلاً، أن يتعامل هذا المتقاعد مع المنشأة التي كان يعمل بها قبل أن يتقاعد، لأن في ذلك قد تكون هناك شبهة فساد واضحة. وبشكل عام، وبدون أن يفتح هذا المكتب، فإن المتقاعد في هذه الدول، يحظى بامتيازات، تجعل من مرحلة ما بعد التقاعد، واحدة من أجمل مراحل حياته.
في كل مؤسساتنا الحكومية، وحتى في المؤسسات العامة، يتم التعاقد مع المتقاعد الذي تربطه علاقة خاصة مع الرجل الأول في المؤسسة، بحجة أنه سيستفيد من خبراته! ويستمر هذا المتقاعد في الحصول على الراتبين من مال الدولة العام، ويستمر يحتل نفس المكتب ويحصل على نفس الامتيازات. وفي نفس الوقت، هناك طوابير من العاطلين عن العمل، ممن يحلمون بجزء بسيط من قيمة عقده !
إن حياة المتقاعدين في النظام الوظيفي في المملكة، تحتاج الى إعادة نظر كاملة. فالغالبية العظمى من المتقاعدين والمتقاعدات، يتحولون الى متقاعدين فعلاً، في الوقت الذي يرون فيه هذا التمييز في التعاقد مع متقاعدين مثلهم. كل هذا أنشأ وينشئ وسيظل ينشئ أنماطاً من الفساد ومن الفاسدين، إدارياً ومالياً. ومعروف من يجب أن يتحمل وزر هؤلاء المفسدين.
