تضاربت تصريحات مسؤولي المرور فيما يتعلّق بمخالفة استخدام الأنوار الخلفية من قبل السائقين لتنبيه السيَّارات القادمة بوجود كاميرات أو سيَّارات ساهر على الطريق؛ الناطق الإعلامي في مرور المنطقة الشرقيَّة المقدم علي الزهراني ذكر لـ»الوطن» أن (استخدام المنبه الخلفي للسَيَّارَة «الفلشر» لتحذير السائقين القادمين من الخلف بوجود كاميرات أو سيَّارات ساهر يُعدُّ مخالفة ويعاقب عليها النظام بمخالفة مروريَّة من مخالفات الفئة الثالثة)؛ الأخ عبد العزيز السويد كتب مقالة في جريدة «الحياة» حول المخالفة الجديدة عنوانها بـ»هل طلب «ساهر» الحماية؟»؛ وذَكَّر بوسيلة التحذير التَّقْليدية غير المعترض عليها من قبل المرور؛ وقال: «وللعلم كان السائقون في الطرقات الطَّويلة منذ ما قبل «ساهر» يتبادلون الإشارات الضوئية للتحذير من تربّص دوريات، ولم تهتم «المرور» أو أمن الطرق بهذا، لكن «ساهر» قطاع خاص مرن وسريع التأثير»؛ اتفق مع ما ذكره الأخ السويد؛ وأحسب أن حماية إيرادات ساهر ربَّما كانت السبب؛ فالتنبية أدَّى إلى خفض المخالفات على الطرق السَّريعة؛ وبالتالي خفض إيرادات الشركة المستثمرة للنظام؛ فلجأت إلى فزاعة المخالفات (الهرمية) لمنع التحذير.
كان من المنتظر أن تشجَّع إدارة المرور استخدام التنبية لخفض سرعة المركبات؛ على أساس أن الالتزام بالسُّرعة القانونية وحماية أرواح السائقين هو الهدف الذي أنشئ من أجله النظام؛ عدم وضع المرور لوحات تحذيرية بوجود الكاميرا الثابتة أو المتحركة على الطرقات السَّريعة مما دفع السائقين لمعالجة الوضع وفق إمكاناتهم المتاحة باستخدام التنبيه الضوئي!.
في إحدى الولايات الأمريكيَّة حكمت المحكمة لصالح سائق ادَّعى على إدارة المرور بأنها تعمدت إعطاءه مخالفة السرعة؛ وأن تركيزها كان منصبًا على قيمة المخالفة لا سلامته؛ واستشهد باختباء رجل المرور خلف شجرة وتلصصه لتسجيل سرعة المركبات؛ ما يعني رغبته في تحصيل المال لا سلامة السائقين وحثّهم على خفض سرعة مركباتهم.
أعتقد أن هذا ما تمارسه سيَّارات «ساهر» التي تختبئ في عبارات السيول ومنخفضات الطرق خشية أن يراها سائقو المركبات، بل ربَّما توقفت في مواقع تُهدِّد المركبات الأخرى بالخطر.
بُعيد نشر مقالة «هل طلب «ساهر» الحماية؟»؛ سارع اللواء عبدالرحمن المقبل؛ مدير الإدارة العامَّة للمرور؛ إلى نفى غرامة «الفليشر»؛ وقال: «إن ما نشر عن فرض غرامة على تشغيل (الفليشر) غير صحيح». لم يكد حبر النفى يجف حتَّى فاجأنا المتحدث الإعلامي لمرور المنطقة الشرقيَّة، المقدم علي الزهراني، بتأكيده في موقع «الجزيرة» على النت: «أن مخالفات الأضواء الخلفية (الفليشر) على الطرقات معمول بها قبل اعتماد نظام ساهر المروري».
المقدم الزهراني أكَّد وجود المخالفة؛ ونفى استحداثها؛ وفي الحالتين تعارض تأكيده مع نفى مدير الإدارة العامَّة للمرور.
التصريحات المجتزئة والضبابية لا تساعد على بناء الثِّقة بين المواطن وجهاز المرور؛ في الوقت الذي تُؤثِّر فيه تضارب المعلومات بين مسؤولي المرور سلبًا في المتلقي؛ وتعكس ضعفًا في التنسيق الإعلامي.
تعدد المتحدثين في جهاز المرور قد يتسبب في تشويه الرسالة الإعلاميَّة لدى المتلقي؛ وهذا يُؤدِّي إلى الاجتهاد في الفهم ما يتعارض مع أهمية الرسائل الأمنيَّة التي تحتاج إلى الفهم الدقيق.
المواطن البسيط ينتظر توضيحًا رابعًا من إدارة المرور لمعرفة قانونية استخدام الأنوار الخلفية «الفلشر» للتنبيه بالقرب من مواقع ساهر؛ وهل تقتضي الحالة مخالفة مرتكبيها؟؛ ومن سيتولى رصد مخالفة (المحذرين) من وجود ساهر؟ وهل ستضحي إدارة المرور بسَيَّارَة أمن خاصة تضعها بالقرب من مواقعها لرصد تلك المخالفات على أساس أن برمجة كاميرات ساهر تلتقط السُّرعة لا «الفلشر»؟!. وقبل إصدار التوضيح الأخير أذكر إدارة المرور أن وجود «ساهر» برغم أهميته المطلقة في ضبط السير؛ وحماية الأرواح؛ يتسبب في مخاطر جانبية للسائقين الذين يسارعون لتخفيف سرعتهم المفاجئة لا إراديًا بمُجرَّد رؤيته وإن كانت سرعتهم متوافقة مع السُّرعة القانونية وهذا يُؤدِّي إلى أخطار مفاجئة للسيَّارات القادمة من الخلف، وقد وقعت حوادث كثيرة بسبب هذا السلوك؛ ومن هنا أعتقد أن الفلشر في هذه الحالة مبررًا لمنع خطر الاصطدام لا منع خطر مخالفة ساهر.
f.albuainain@hotmail.com