تُطرح تساؤلات كثيرة عن سبب البرود الأمريكي في التعامل مع الملف السوري والذي يستتبعه برود وارتباك في الموقف الغربي وخصوصا الموقف الفرنسي، إذ نحى مؤخرا إلى الاكتفاء بالتركيز على الجانب الإنساني والإغاثي وقضايا الإدارة الذاتية للمناطق المحررة ومحاولات تشكيل حكومة انتقالية قد تحضى بشرعية دولية.
وبالعودة إلى غياهب موقف الولايات المتحدة يرى كبير باحثي جامعة بيل الأمريكية في ورقة نشرها مركز الجزيرة للدراسات أن تردد أوباما في دعم الثورة السورية يعود إلى جملة من المواقف، نذكر من أهمها أن الشعب الأمريكي وكبار ضباط العسكريين قد سئموا الحروب فوفقا لاستطلاعات الرأي التي أجريت يرى المحللون أن حرب أفغانستان والعراق أرهقت الجيش الأمريكي. لاشك أن نهاية الحرب الباردة التي وضعت أوزارها مع انهيار الاتحاد السوفيتي وما رافقها من تحول النظام الثنائي القطبية إلى أحادي القطبية قد غيرت قواعد اللعبة في مسرح السياسية الدولية.
لقد شهدت روسيا نقلة نوعية مع نهاية حكم يلتسين الضعيف في 1999 وبداية عهد بوتين الذي استطاع أن ينهض بالاقتصاد الروسي ويضاعف متوسط الدخل الشهري للمواطن.
مما تقدم نخلص إلى القول إن الحكومات القوية في العصر الحديث المتفوقة في مختلف المجالات العسكرية والاقتصادية والمالية والعلمية والتكنولوجية هي الأكثر تفهما لمطالب الأمم فالحكومات الفرنسية والبريطانية والهولاندية والبلجيكية الاستعمارية أقرت بحقوق شعوب مستعمراتها التي غادرت في ما بعد، علما بأن هذه الحكومات لم تكن ضعيفة في أي وقت من الأوقات بل إن بعضها كانت عظمى بالمقابل نجد حكومات عربية وإسلامية على فقرها وضعفها تأبى الاعتراف بحقوق الشعوب التي تهيمن عليها حتى وإن طالت المعارك ضدها. إن جوقة الدول التي تساند النظام السوري بقيادة الروس وإيران يعطيان الضوء الأخضر لإسرائيل للسيطرة على الدول العربية المسالمة، إن نوايا النظام السوري مكشوفة للمواطن العربي وأنها فقدت الأمل في أي تعامل مع نظام الأسد واعتبرت أن حديث بشار الأسد عن أية إصلاحات سياسية لا يعدوا أن يكون فصلا من فصول المراوغة خاصة بعد إعلانه الحسم الأمني، وقمع المعارضين له أيا كان الثمن ووفقا لذلك فإن الأسد لا يرعوي في إهدار دم المواطنين السوريين وملاحقتهم بالسلاح الجوي والدبابات والصواريخ والمروحيات والأسلحة الكيماوية وهدم المنازل على من فيها من الأطفال والشيوخ والنساء. إن الوضع السوري مأساوي ورهان الأسد القتال والفتك بأبناء سوريا الأحرار.
لقد دمر الأسد البلاد بطائراته وأسلحته الثقيلة إن المعارضة السورية بكافة فئاتها تستغيث بطلب المساعدة ضد الطاغية بشار الأسد وجوقة الضباط الكبار الذين يدعمونه ويقتلون الثوار. السؤال: هل يستوعب النظام النصيحة ويرحل؟ الدلائل تشير إلى أن النظام غير قادر على ذلك فرهانه دائما على استخدام القوة والبطش وهذه السياسة هي التي أدت إلى عسكرة الثورة وتزايد المعارضين في الدفاع عن أنفسهم.
إن الموقف يتطلب إنقاذ سوريا من السفاحين الذين لا هم لهم إلا القتل.
لقد اسهمت الدعاية الغربية والإعلام الإسرائيلي في التخويف من القدرات الإيرانية، وهو منحى يراد به استمرار قمع الثوار السوريين فضلا عن موقف إيران وهو موقف ينبغي معه على السياسي العربي أن يراجع مواقف إيران في ظل الربيع العربي.
روسيا لا تبتعد عن معتقدها الشيوعي العنصري ناهيك عن امتهان كرامة الإنسان المسلم فهي من يمتهن حقوق الإنسان المسلم في بلدها وتعرقل تأدية شعائرهم الدينية وفق أيديولوجيتها الكارهة للأديان ليس على مستوى الفرد وإنما على مستوى المجموع، وهي التي تدعم النظام السوري وبشدة وتوفر له السلاح بكافة أنواعه لقتل الثوار الذين يؤمنون أن الاسلام هو المبدأ الذي يتبناه المسلم في حياته فلديها الملايين من المسلمين المضطهدين ومن السخرية أنها تدعي المطالبة بحقوق الإنسان في الوقت الذي تدعم طاغية سوريا لقتل الإنسان السوري فهي من يمتهن حقوق الإنسان المسلم وتعرقل تأدية شعائره الدينية وفق أيديولوجيتها الكارهة للأديان كما أسلفنا فأين مراعاة المعايير الأخلاقية والإنسانية؟ ومتى تكف عن دعم الأسد الذي يتخذ من الشعار الروسي مبدأ له في سوريا؟
- الرياض