لو سألني أحدهم عن أكثر الأمور أهمية في مجلس الشورى، تعيين المرأة، أو اعتماد الأعضاء بنظام الانتخابات بدلا من التعيين، أو منح الأعضاء المزيد من الصلاحيات، لاخترت الأخيرة، فهي كما أظن قد تنقل هذا المجلس من مجرد جهاز استشاري، إلى جهاز فاعل ومؤثر، قادر على اتخاذ القرارات، خاصة تلك القرارات التي تهم المواطن، ولا تمثل قراراً سياسياً مؤثراً، يخص علاقات الدولة بالدول الأخرى، أو مصالحها لدى الخارج، أو القرارات الإستراتيجية التي تؤثر في مستقبل البلاد.
أعتقد أن منح الأعضاء، واللجان في المجلس، المزيد من الصلاحيات، في مناقشة أي موضوع يطرحه أحد الأعضاء، أو التصويت على أي قرار من أجل اعتماد تنفيذه، خاصة في الأمور الخدمية التي تهم حياة الموطن ومصالحه في مسائل التعليم والصحة والإسكان والتوظيف، هو الأمر المهم سواء لعضو المجلس، أو للمواطن، فالعضو المعيّن لا يتحجج بمحدودية الصلاحيات الممنوحة له، والمواطن الذي لا يعنيه سوى مصلحته المباشرة، سيصبح متابعاً لوقائع جلسات المجلس يومي الأحد والاثنين، منتظراً لقراراته.
صحيح أن دخول ثلاثين امرأة إلى عضوية المجلس في دورته الجديدة هو أمر مهم، وكان منتظراً منذ سنوات بعيدة، خاصة أن المرأة السعودية قطعت شوطاً طويلاً من التعليم، قدره خمسون عاماً، وصحيح أن السيدات العضوات في المجلس سيؤثرن في الموضوعات المطروحة للنقاش، وأختلف مع من يقول إنهن موجودات منذ سنوات كمستشارات يتم الرجوع إليهن أحياناً، لأن صوتهن في السابق كان في الظل، لكنهن الآن يملكن المناقشة مباشرة تحت قبة الشورى.
كنت أتساءل دائماً، وربما ازداد تساؤلي حضوراً وتأثراً، بتخصيص 20% من مقاعد مجلس الشورى للنساء، فماذا لو تم تخصيص 20% من المقاعد الأخرى لأعضاء شباب من الجنسين، ماذا لو كان هناك أيضاً ثلاثون مقعداً للشباب؟ كيف يمكن أن تتحول جلسات المجلس وموضوعاته؟ كيف يمكن أن يبث هؤلاء الروح في فضاء قبة المجلس؟
فإذا كانت المرأة تشكل أكثر من نصف المجتمع، ومنحت هذه المقاعد في المجلس، فمن المنتظر أن نمنح الانتباه لمن تمثّل فئتهم أكثر من 70% من المجتمع، وأعني بهم الشباب، فقد يفيد المجلس انضمام شباب في الثلاثينيات من أعمارهم، كي يكونوا صوت الشباب في المجلس. وقد يقول أحدكم إن من شروط العضوية هي الخبرة، وأكاد أجزم أن من بين هؤلاء الشباب من يمتلك الخبرة والمعرفة والثقافة بشكل يفوق كثيراً من يتجاوزونه في العمر، فالسن ليس شرطاً للخبرة، بل الأبحاث والعمل بدأب وإخلاص في مجالات متنوعة هي ما تكسب الخبرة، لا أن يبقى الإنسان معمراً في وظيفة واحدة، وإدارة واحدة، وعمل نمطي متكرر، فلا يضيف إلى الإنسان أي خبرات قد تكون مطلوبة في طرح الآراء والأفكار تحت قبة الشورى.