|
بغداد - نصير النقيب:
اعتبر القيادي في القائمة العراقية ورئيس كتلة الوسط في البرلمان والأمين العام للحزب الإسلامي العراقي الأستاذ إياد السامرائي إن حادثة حماية العيساوي وقبلها حادثة الهاشمي هي المفجر الرئيس والمتسبب لما يحدث في العراق، إلا انه لم يستحل وجود فرصة الحل وإنقاذ بغداد من أوضاعها المأساوية، والتي ستؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها لبلد خرج للتو من أزمة الحروب، محذراً من توجيه احداث العراق إلى اهداف ذات مطالب خارجية من خلال السيطرة على المتظاهرين وتوجيه مطالبهم مما سيؤدي إلى ازمة توجه العراق إلى نتائج لا تحمد عقباها، مطالباً الحكومة باحتواء المتظاهرين لقطع الطرق على القوى الخارجية من التدخل في شؤون العراق.. فإلى نص الحوار.
* كيف تنظرون إلى الأزمة السياسية الراهنة التي يعيشها العراق اليوم؟
- من المعلوم أن العراق يعيش في سلسلة من الأزمات منذ الانتخابات النيابية الأخيرة، وقد كانت في الماضي محصورة في إطار الإعلام والكتل السياسية، ولكنها هذه المرة انتقلت إلى الشارع، فخرج الشعب ثائراً، بعدما أصبح واضحاً أن إيجاد الحلول من خلال الحوار السياسي أصبح معدوماً، ولقناعة الجماهير أن ممثليها سواء في الحكومة أو مجلس النواب أو مجالس المحافظات أصبحوا غير قادرين على تحقيق المطالب السياسية، لأن هناك من يقف وبشكل قاطع ضد هذه المطالب.
وكانت حادثة حماية العيساوي والكيفية التي تمت بها - ومن قبلها حادثة الهاشمي - رسالة واضحة ومؤشراً صارخاً على نمط التعامل، ففجرت كل القضايا التي ما انفكت الجماهير تطالب بها.
* هل تعتقدون أن هناك فرصة للحل وسط هذا الواقع السيئ؟
- نحن نعتقد على الدوام أن هناك دائماً فرصة للحل والخروج من الأزمة، وتتمثل هذه الفرصة في استجابة رئيس الوزراء لمطالب الجماهير، وبشكل عاجل وخاصة تلك التي تقع تحت مسؤوليته مباشرة والجماهير على حق فيما تطالب، وعلى من في السلطة أن يسمع لها ويتجاوب معها. ومطالب من خرج في التظاهرات ليست مطالب نقابية أو معيشية يتم التفاوض حولها، بل هي مطالب تستند إلى شرعية شعبية ودستورية كاملة، فلا معنى لطلب التفاوض حولها، بل ينبغي تنفيذها.
- لقد خاطب رئيس الحكومة الجماهير العراقية عبر الإعلام، وأبدى تفهماً ومرونة مع المطالب، ألا تعتقدون أن ذلك كاف وفرصة للحل؟
للأسف أن تجربة الجماهير مُرَّةً مع الوعود التي تطرح عند الأزمات ثم يتم تجاهلها بمجرد سكوت الجماهير، أنا أعتقد هذه المرة أن الوضع يختلف، فالجماهير تريد أن ترى اجراءات عملية وسريعة، وإلا سيزداد غضبها على حكومة لا تسمع لشعبها، من جانب آخر فإن بعض ما ورد من حديث على لسان رئيس الوزراء وآخرين قريبين منه كان مستفزاً، عندما تم التهديد باستعمال القوة لفض المظاهرات.
وأن الأنظمة الديمقراطية تكفل لشعبها حرية التظاهر السلمي، حتى لو استمر لفترة طويلة، وقوى الأمن مهمتها حماية المتظاهرين والمرافق العامة من الاعتداء، ولذلك كان هناك خيبة أمل من أسلوب التهديد، ولا يفوتني الإشارة إلى أنه لا ينبغي ان يكون هناك تهديدٌ مقابل من الجماهير أو قادتها بالتصدي أو الاعتداء على أجهزة الدولة، فسلمية التظاهرة شرط أساسي لنجاحها، واستخدام العنف تعبير على التخلف والفشل.
* ماذا على رئيس الحكومة أن يقوم به في نظركم؟
- أعتقد أنه عليه أن يبادر إلى جملة من الإجراءات السريعة والتي تتمثل بالآتي:
1 - الاعتراف بحق الجماهير في التعبير عن رأيها وإبداء احترامه لها وتجنب تهديدها
2 - دعوة مجلس الوزراء لاجتماع طارئ لتحديد الإجراءات التي سوف تتخذ استجابة لمطالب الجماهير.
3 - على مجلس الوزراء الخروج بقرار يطالب مجلس النواب بتشريع قانون لإلغاء قانون مكافحة الإرهاب، وقانون المساءلة والعدالة والتي أعتقد بانتفاء الحاجة إليهما بعد اليوم.
4 - التزام السلطات الأمنية بالقانون في إجراءاتها وفي كيفية الاعتقال والتحقيق، ومعاقبة المخالفين وبشدة لردع من يستغل موقعه وسلطته لتخريب العلاقة بين السلطة والجماهير.
5 - الالتزام الكامل بعدم إبقاء الموقوف مدة أكثر مما نص عليه القانون، والطلب من مجلس القضاء وضع إجراءات تكفل تقليص مدد التوقيف، ومعاقبة الذين يسيئون استخدام القانون بشكل تعسفي لأي غرض كان.
6 - إصدار تعليمات صارمة بمنع الشعارات واللافتات الطائفية أو التي تؤدي إلى استفزاز طائفي أو ذات صيغة مذهبية أو دينية أو قومية في مؤسسات الدولة والمرافق العامة، فعندما يجد مجلس الوزراء أن هناك توترا بسبب هذه الشعارات، فمن حقه منعها حفاظا على السلم الاجتماعي، ويجوز لمن يريد رفعها أن يرفعها في تجمعاته الخاصة حصراً.
7 - وهناك جملة أخرى من الإجراءات قد تأخذ وقتاً آخر يجري العمل الجاد على تحقيقها، ونذكر ذلك دون إغفال المطالب الخاصة المتعلقة بحماية د. رافع العيساوي أو السجينات العراقيات.
* في إشارتكم إلى توجيه الحكومة العراقية للقضاء ألا يكون ذلك تدخلاً في شؤونه؟
يجب أن نفهم ماذا نعني باستقلال القضاء؟ فإن استقلاله لا ينبغي أن يؤدي (بسبب تقاعس أو انحراف أو ضعف إدارة) إلى مشاكل أساسية، ولابد من تنبيه القضاء إلى الدور الذي عليه أن يقوم به إذ إنه يتحمل مسؤولية حل المشاكل ومسؤولية إيجاد الحلول ولقد شهد عام 2012 ولأول مرة انتقادات حادة للقضاء، وعلى مجلس القضاء أن ينتبه لذلك ولا يعول على شعار استقلال القضاء وحده، بل لا بد من شعار نزاهة وحيادية وكفاءة القضاء وكل مؤسسات الدولة يجب أن يخضع أداؤها للتقييم، لتصحيح الخلل في المسار إن وجد.
* وهل تعتقدون أن هناك اليوم مخاطر آنية متعلقة بهذه التظاهرات؟
- نعم توجد هناك مخاطر كثيرة جداً، وبعضها صغير وبعضها كبير، والصغير منها يتمثل في أمور:
1 - أندساس من يسعى لتخريب التظاهرات من خلال اعتداءات، كما حدث مع نائب رئيس الوزراء والقيادي في القائمة العراقية الدكتور صالح المطلك.
2 - محاولة السياسيين أو بعضهم استغلالها والاستفادة منها لأشخاصهم، مما يولد تنافراً بين السياسيين أنفسهم وكذلك بين أنصارهم، ويترك أثره على زخم التظاهرات.
3 - ردود أفعال من قبل الأجهزة الأمنية بمزيد من الملاحقات والاعتقالات وسوء السلوك مع المواطنين مما يولد مزيدا من التوتر وتصاعد مشاعر الغضب، وقد رأينا بوادر ذلك في أكثر من مكان.
وأما الكبيرة والخطيرة، فيتمثل في محاولة قوى خارجية استغلال هذه المظاهرات بما لديهم من نفوذ أو إمكانات لحرفها عن مسارها السلمي إلى مسار عنيف لغايات يغفل عنها جمهورنا العراقي.
* طالبتم بعدم استغلال السياسيين لهذه التظاهرات، فكيف يقف السياسي بعيداً عن مثل هذا الحدث؟
- لم نطلب من أن يكون السياسي بعيداً، ولكن نطلب منه تأييده ومناصرته دون استغلاله، ولإيضاح ذلك أقول: إن العراق يفتقر إلى قوى سياسية منظمة قوية، ولذلك تعددت القيادات بشكل كبير، ورغم أن مجلس النواب يمثّل العراقيين ولكنه لا يمثل كامل القوى الاجتماعية فيه، فهناك أضعاف أعداد مجلس النواب قيادات مجتمعية عشائرية ومهنية ونقابية، فتصدر السياسيين يؤثر سلباً على تلك القوى التي قد تقابل ذلك التصدر بردود فعل ليست مناسبة.
لذلك نقول على هذه التظاهرات أن تفرز قياداتها من خلال الممارسة، لقد حاول البعض ومنذ اليوم الأول ادّعاء أن الحزب الفلاني أو العلاني هو الذي نظم هذه التظاهرات، ونحن نعتقد أن ذلك كان سعياً منه لتشويهها بإثارة الشكوك حولها، ولكن وعي الجماهيرأحبط ذلك.
* أين يقف الحزب الإسلامي العراقي اليوم من هذه التظاهرات إذن؟
- الحزب الإسلامي اختار منذ اليوم الأول مناصرة الجماهير، والاستجابة لتطلعاتهم بغض النظر عن انتماءاتهم، وهو -كما يدرك الكثيرون- قدم التضحيات الجمة بسبب هذا النهج.
ولذلك كان طبيعياً أن يكون الحزب ضمن الجماهير العراقية الكبيرة التي خرجت اليوم للتعبير عن مواقفها وهمومها وتطلعاتها، ونحن جزء من هذه الحالة العامة التي تشهدها المحافظات العراقية.
ومع ذلك فاتهام البعض للحزب تصريحاً او تلميحاً بقيادته لهذه التظاهرات أمر يراد منه - كما نفهم - التسقيط السياسي من جهة، وتشويه مسيرتها حتى وصولها لأهدافها المرجوة من جهة ثانية.
نحن سنبقى أوفياء لجماهيرنا مهما كانت التبعات لمناصرتهم باهظة، ودعوتنا للجميع أن يصطفوا وراء جماهيرهم فهم رصيدهم الحقيقي الذي لا يمكن أن يمارسوا عملهم ودورهم دونه.
* هل من كلمة أخيرة؟
- نعم هذا أخطر تحد يواجهه العراق وتواجهه الحكومة ولابد من الحكمة قبل استعراض العضلات، ولابد من سياسة مُرضية للشعب حتى لو أعتقد بعضنا أن الشعب تجاوز في مطالبه، ولكني أقول لمن يعتقد ذلك.. أن شرعية السلطة من قناعة عموم الشعب بها، وأن الشرعية تهتز إذا لم يقر هذا البعض بسلطة الشعب وحقه.