كانت الرياضة مفتاحاً لاستعادة العلاقات الأمريكية الصينية في السبعينيات، وكانت وسيلة اتصال إيرانية أمريكية عقب حادثة السفارة الأمريكية في طهران، وكانت الرياضة في إشعال الحروب والخصومات في أوروبا، ونحن نتذكر حرب هندوراس والسلفادور، وظلت الرياضة حرباً تنافسية بين الأشقاء في الدول العربية، وكان آخرها بين مصر والجزائر، وكانت حروب إعلامية بين رؤساء الأندية وبين الإعلاميين.
ومع ذلك أصبحت الرياضة منذ الثمانينيات تشكل أحد أعمدة الاقتصاد الجديد، فكل ما يتعلق بالرياضة أصبح قابلاً للتحول إلى تجارة واستثمار، ومصالح شخصية، يعني (بزنس) حتى شراء اللاعبين بأثمان خيالية، فهي بورصة متجولة، وأصبحت دول تشتري أندية بكاملها، وخطوط طيران مثل الخطوط التركية الناقل الوحيد لبعض الأندية الأوروبية الكبيرة، وصارت اقتصادات واضحة للعيان، دفعت بدولة قطر لدفع عشرات المليارات، لاستضافة مونديال 2022م.
أصبح لدينا تجار ومستثمرين كبار في الرياضة، لهم خبرة ومعرفة وقدرة على المنافسة، فعندما يشتري ناد لاعباً بالملايين، فهو لا يدفعها عبثا، وإنما يدفعها ولديه تقييم اقتصادي لما سوف يجنيه من وراء هذا اللاعب، ومن ثم يمكن بيعه بأثمان عالية، كما يحصل في بعض الأندية العالمية، لكن ما زالت اقتصادات الرياضة في بلادنا ضعيفة، وخسرنا الكثير من البطولات آخرها بطولة (خليجي 21) وسمعنا عن مدينة تدريبية للموهوبين، وإعادة هيكلة الرياضة وخصخصتها لتدخل ضمن لعبة الاقتصاد الجديد.
المجاملات تعصف بالكرة السعودية، ومشكلتنا عدم الوضوح والشفافية، ولكل ناد الحق في حفظ أسراره، وعدم جعلها بيد منافسيه، لكن بعض المتصيدين في (الواتس أب، والتويتر) يغردون بلا مرجعية وبلا مصدر ويتهمون فيها أناساً جزافا، ويربكون الواقع الرياضي الوطني، وبعض المحللين للأسف يهذر كثيراً ولا يحترم الخصوصيات، وخاصة في دورة (المنامة 21) فلماذا هذا التدني في مستويات اللغة والثقافة الرياضية؟
وتصاعدت حدة الأحداث بشكل سريع خلال (خليجي 21) وبدأ تبادل التهم بين مسؤولي الرياضة والإعلاميين في بلادنا، ورمي أخطاء المنتخب على الغير، وأغرب ما استمعنا إليه مؤخراً، خبراً اضطر رئيس الديوان الملكي ومستشار خادم الحرمين الشريفين، معالي الأستاذ خالد التويجري إلى نفيه، عندما قال أحد الإعلاميين إن عقد مدرب المنتخب (ريكارد) كان خلفه معالي الأستاذ خالد التويجري.
ما دخل معالي الأستاذ خالد التويجري في موضوع ليس من اختصاصه، وهل لديه الوقت الكافي لمثل هذا الهزل؟ والكلام غير المقبول؟ والمصيبة أن يعود الإعلامي ليعتذر، ويؤكد أن معلومته ليست دقيقة، فلو كان هذا الإعلامي في دولة أجنبية لرفعت قضية عليه، ودفع ثمنها ملايين الدولارات، لكن يبدو أن الإعلام الرياضي في بلادنا يعاني من فرط الحركة والكلام.
أعتقد أن معالي الأستاذ خالد التويجري لا يتدخل في شؤون ليست من اختصاصه، وليس لديه الوقت الكافي لمثل هذه الأعمال، فجلب المدرب (ريكارد) من مسؤولية واختصاص رعاية الشباب وليست من مسؤولية معاليه، لذا يفترض من رعاية الشباب دراسة مشكلة إخفاق الرياضة في بلادنا حتى تقوم بدورها الكامل، وتعم الفائدة على الوطن والمواطن، فالرياضة تمثل دعاية قوية، واقتصاداً جديداً لأي بلد يستضيفها، أو يفوز بها، وأنا واثق أن رعاية الشباب ورئيسها الشاب الأمير نواف بن فيصل لديهم الحلول الكفيلة بها.
Ahmed9674@hotmail.comمستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية