تكتمل صورة الوجود الإنساني بالتجديد. من ذلك المرأة المُجددة تلك التي تستطيع انتشال حقوقها وتميُّزها من وسط صناديق الحقوق، أقول هذا بعد أن تحقق للمرأة السعودية المكان الذي كانت تنتظره في مجلس الشورى، وبالتالي آن أوان الثورة على الكيانات المتسلّطة، وحانَ وقت الدفاع في وجه الظلم النسائي بصفة جديدة وقويمة غير مسبوقة من قبل.
من تم اختيارهن يُمثّلن شرائح متعددة في المجتمع السعودي، ولهن أدوار متفرقة ومتنوعة، بالتالي ننتظر منهن تجربة فريدة في المجلس، وأن يتميّزن بأفكارهن المنصفة والكلية لاحتياجات المرأة وقضاياها، وللتطبيق الواقعي لها مُبتعدات عن أحلام اليقظة والقول بدون تنظير وتطبيق، مُقتربات من واقع المرأة وتكوينها وطبيعتها، وذلك بالمعالجة بما يتوافق بين القضية وبين الواقع.
تنمية المرأة تبلورت في مفهوم التمكين، حيث إن نجاح التنمية يكتمل بتمكين وتقوية أفراده من ذلك، تمكين المرأة وتقويتها لغاية هي: تحقيق أهداف التنمية في البناء والتطور، والتهميش المُتعمَّد أو البريء سبب في مشكلات عدة، وفي بقاء هذه المشكلات واستمرارها.
التمكين في معناه العام “هو إزالة كافة العمليات والاتجاهات والسلوكيات النمطية في المجتمع والمؤسسات التي تنمط النساء والفئات المهمشة وتضعهن في مراتب أدنى، والتمكين السياسي عملية مركبة تتطلب تبني سياسات وإجراءات وهياكل مؤسساتية وقانونية بهدف التغلب على أشكال عدم المساواة وضمان الفرص المتكافئة للأفراد في استخدام موارد المجتمع، وفي المشاركة السياسية تحديدا”.
والتمكين بشكل عام تعزيز قدرات البشر تبعاً لمختلف المستويات، وذلك للتغلب على العقبات وأوجه التّمايز التي تخلق الوضع الدوني، وبذلك فإن تمكين المرأة يعني اكتسابها القدرة لاتخاذ القرارات المتعلقة بحياتها.
التمكين للمرأة، بدأ في الساعات الأولى لنزول الوحي عندما جاء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ “العلق: 1-5” وفزع النبيُّ وذهب إلى زوجته خديجة، ولم يذهب إلى عمّه أو ابن عمّه أو صديقه الرّجل وقصّ عليه القصص، وهنا ذهبت خديجة برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتجد عنده الجواب العلمي على ما حدث لزوجها، ولم يستنكف الرسول صلى الله عليه وسلم من الذهاب مع امرأته لتجد له حلاً في هذا الأمر الجلل، ولم يهمِّشها ويعزلها عن الأحداث من بدايتها حتى وفاتها.
وعندما انقسم الناس في مكة إلى حزبين: حزب التغيير والدعوة إلى الله، وحزب التقديس للعادات والتقاليد، شاركت المرأة في النتائج العصبية لدعوة التغيير وأعلنت سمية (أم عمار) الانضمام للحزب الجديد مع زوجها وابنها، وكانت أشدهم حماسة للتغيير والإصلاح، ودفعت حياتها ثمناً لدعوتها العلنية ورفضها للنظام القديم في مكة وكتب الشيخ الغزالي - رحمه الله - في كتيب “الإسلاميون والمرأة”.
من هنا يتفق صنَّاع القرار على أنه تُصاغ السياسات التمكينية لمنع التفرقة على أساس النوع أو الفكر، ولتعزيز حرية الاختيار في أمور تتعلق بحياة الفرد وزيادة فرصه في الاختيار الذي يشمل تزويد الفرد بالمعرفة والمهارات اللازمة لبناء قدراته تحت مشروعات متنوعة لمختلف الفئات المحتاجة لمواجهة التناقضات المحيطة من خلال التجديد الديمقراطي، كمآل ويُمكنه خلق نظم انتخابية جديدة، تجعل الناس في المركز، وبالتالي يتم القضاء على تلك النظم الانتخابية التي يتم هندستها لخدمة فئات معينة كالطائفة أو العشيرة أو غيرها من المفاهيم الضيقة.
قرار مجلس الشورى، حققَ للمرأة ما حمله التقرير الصادر في يوليو2010 وعنوانه: “صاحبات الأعمال في السعودية، مقارنة إقليمية للخصائص والتحديات والتطلعات”، وقد شاركت الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز بكتابة تقريظ للتقرير، ومن أهم التوصيات التي تطرق إليها التقرير لمعالجة التحديات التي تعترض سبيل المرأة: تعيين النساء أعضاءَ في مجلس الشورى لضمان تمثيل مصالح صاحبات الأعمال السعوديات والنساء بشكل عام. التعيين تحققَ وننتظر ما يلي التعيين.
bela.tardd@gmail.com -- -- p.o.Box: 10919 - dammam31443Twitter: @HudALMoajil