|
كتب - أحمد الحمياني:
أضحى صبر الجماهير الرياضية السعودية يسير في الاتجاه نحو النفاد بعد الإخفاقات المتتالية للمنتخب الأول لكرة القدم، والتي كان آخرها الخروج المبكر من بطولة الخليج في نسختها الـ21، إذ أهدر المنتخب آخر فرصة سانحة لبلوغ المرحلة قبل الختامية إثر خسارته أمام منافسه الكويتي.
وتعرض المنتخب السعودي إلى انتكاسة لافتة خلال الأعوام اليسيرة الماضية، ابتدأت لدى الفشل في تجاوز التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم في العام 2010 للمرة الأولى بعد 16 عاماً من تخطي تلك المرحلة، وتوسعت رقعة الإخفاق خلال نهائيات الأمم الآسيوية 2011 التي ودعها الأخضر مبكراً للغاية وتحديداً بعد نهاية أدوارها الأولى للمرة الأولى في تاريخه، وامتد الرسوب ليجر خيبة الفشل الأخيرة في تصفيات القارة المؤهلة لمونديال 2014 قبل انطلاق المرحلة الأخيرة من تلك التصفيات.
فيما دوى وقع الخروج المبكر من «خليجي 21» داخل أنفس الجماهير بأصوات مرتفعة، ولامس مشاعرهم بصورة مضاعفة أثناء تناقلهم للصور الباكية للمشجعين السعوديين داخل ملعب البحرين الوطني بعد الصافرة التي أطلقها الأوزبكي رافشان معلناً من خلالها عن نهاية مباراة السعودية والكويت.
ولم يكن التعاقد مع الهولندي فرانك ريكارد كمسير فني للمنتخب السعودي أثناء بداية التراجع للكرة السعودية، حلاً يجنب الأخضر سخط جماهيره التي تعالت أصواتها بعد الخسارة الخليجية أمس الأول، مطالبة برحيل ذلك المدرب العالمي الذي لم تتذوق الكرة السعودية طعم الانتصار معه في أكثر من 5 مواجهات خلال إدارته التي ابتدأت مطلع يوليو (تموز) 2011م.
وإلى جانب اتهام ريكارد مسؤولاً عن إخفاق الكرة السعودية خلال ردود أفعال الجماهير الرياضية في كبرى البلدان الخليجية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فإن اتهامات أخرى ظهرت تحمّل تلك المسؤولية للإعلام الرياضي السعودي كقوة زعزعت استقرار الجهاز الفني، فيما اتجهت بقية أصابع الاتهام الأربعة نحو غياب روح اللاعبين، إضافة إلى سوء التخطيط الإداري.
«الجزيرة» بحثت لدى الخبراء الفنيين والإعلاميين الرياضيين عن أسباب استمرار التراجع الفني للمنتخب في بطولة الخليج الأخيرة، وكانت البداية لدى الخبير الكروي عبد العزيز الخالد الذي أشار إلى محورين هامين أديا إلى خروج الأخضر من دائرة التنافس على اللقب الخليجي 21، أحدهما يتعلق بمنظومة العمل الرياضي في المملكة، أما الآخر فتسببت به الخطة الفنية المعدة أثناء وقبل المشاركة في البطولة التي تحتضنها مملكة البحرين حتى الجمعة المقبل.
وأضاف الخالد: أما الجوانب الفنية فتتمثل في الطريقة الدفاعية المحكمة التي واجهها المنتخب خلال منافساته الخليجية ولا سيما في مباراتي العراق والكويت، وكان يتعين على ريكارد أن يتنبه إلى أن الكويت سيلاعبه بتلك الطريقة التي أثمرت مع العراق، خصوصاً أن المنتخب الأزرق كان بحاجة التعادل للتأهل للمرحلة التالية من البطولة.
وأكد الخالد أن الهولندي فرانك ريكارد مدرب المنتخب اختار الأسماء الأفضل والتشكيلة الأمثل لمواجهة الكويت، وقال: باستثناء غياب عنصر أو اثنين، نستطيع القول: إن تلك الأسماء التي مثّلت فريقاً منتخباً من الدوري السعودي مقنعة، ولكن ما نتاج ذلك الفريق؟
وأردف: اتضح لنا أن ريكارد لم يتعرف بعد على قدرات اللاعبين لذا لم يوظفهم على النحو السليم، كما اكتشفنا حدود حجم المقدرة الفنية للاعب السعودي بفعل الخلل في منظومة العمل الكروي، فاللاعب السعودي يفتقد للاحترافية وللعمل الفني الجيد بسبب إهمال إدارات الأندية السعودية بالخطط لمدة تفوق العام الرياضي الواحد.
وأضاف: أخطأ ريكارد أيضاً لأنه لم يبدأ البطولة بالتشكيلة الأساسية التي خاضت مباراة الكويت الأخيرة، واللاعب السعودي يملك الروح القتالية، لكنه يعاني من تكتيف جزء كبير من إمكاناته نتيجة الممارسات الخاطئة في المؤسسات الرياضية.
ولفت الخالد في ختام حديثه إلى إسهام الإعلام في التأثير سلباً على مشاركة الأخضر في «خليجي 21» من خلال تعديهم على مهامهم التي تنحصر في الأدوار الرقابية.
من جانبه أشار الإعلامي الرياضي عبد المحسن الجحلان إلى الإعداد غير الجيد للبطولة الخليجية، قائلاً: المنتخب الذي خاض غمار المنافسات الخليجية يملك كافة الإمكانات التي لم تسخر بالشكل المطلوب، ومدرب المنتخب الحالي ريكارد ليس المدرب الأصلح في المرحلة الحالية، مضيفاً: المنتخب الكويتي لعب أمام الأخضر بذات خطة العراق أمام السعودية، ولم يتنبأ لذلك المدرب الهولندي، فكان يجدر به أن يتمسك بالحفاظ على مرماه نظيفاً في شوط المباراة الأول حتى لا تتضاعف مهامه حين يتأزم موقفه في الشوط الثاني، ولاعبو المنتخب يؤدون في الأشواط الثانية على الأغلب بشكل أفضل، فبحثوا عن تعديل النتيجة قبل إحراز هدف الانتصار وتلك مهمة مزدوجة. مشدداً أن الخسارة الخليجية موجعة لأنها تترجم واقع حصاد الإعداد الفني للبطولة.
من ناحيته أشار المحلل الفني تركي السلطان إلى انعدام الاستقرار والثبات على عناصر محددة في المنتخب كأحد أهم الأمور التي أفقدت الأخضر التركيز الفني مؤخراً، شارحاً: بالغ الهولندي فرانك ريكارد في ممارسة الاحلال والتبديل في المنتخب السعودي دون أسباب واضحة، واستدعى عدداً وافراً من اللاعبين في مناسبات مختلفة، ولم يراع عدة جوانب هامة كاستمرارية اللعب لدى الذين اختارهم في حالات متعددة. وأضاف السلطان: لقد وقع ريكارد باعتقادي في خطأ فادح حينما تجنب الاستقرار على قائمة محددة، فلم يعد قادراً على التعامل الفني الأمثل مع المنتخب السعودي. وبنظري فإن الخسارة الأخيرة أمام الكويت حدثت بفعل مسببات إضافية أخرى تتعلق بمنهجية اللعب السعودي وطريقة الأداء.
أما الإعلامي الرياضي الصحفي عروة العلي فقال: إن الحالة النفسية التي تختص برغبة اللاعب السعودي في العطاء، وكذلك عدم ملاءمة الأجواء المحيطة باللاعبين أحد أبرز المتهمين فيما يتعلق بتضعضع مستوى المنتخب والكرة السعودية بشكل وأدت بالإضافة إلى التذبذب في سياسات المسير الفني للمنتخب السعودي فرانك ريكارد إلى خروج الأخضر من بطولة «خليجي 21».
وأكد العلي أن تلك المسببات أدت إلى فشلكافة اللاعبين السعوديين في الصمود بمستويات لافتة لعدة أعوام متتالية، وأن المهارة انخفضت لدى الجيل الحالي من اللاعبين المحليين لأسباب متباينة، وأهمها تتجسد في التطبيق الخاطئ للاحتراف وما ترتب عليه من آثار عكسية لمقدمات عقود اللاعبين على أدائهم.