تفاءلنا خلال الفترة الماضية بقرب تصويت مجلس الشورى الموقر على مشروع تجريم «الشهادات العليا الوهمية»، ومن شأن تمرير قرار كهذا أن يقضي على هذه الظاهرة الخطيرة مستقبلاً، ويتعامل بما يجب مع الشهادات الوهمية التي تم الحصول عليها فيما مضى، وكان مرد تفاؤلنا أن انتشار هذه الظاهرة بات يشكل تهديداً حقيقياً لمستقبلنا العلمي والتعليمي ومخرجاتهما، إذ إن كثيراً من الإخوة والأخوات الذين حصلوا على شهادات الوهم يتبؤون مناصب هامة تتعلق بمستقبل الأجيال، وبعضهم دعاة مشاهير، لم يكونوا بحاجة أصلاً لمثل هذا الزيف الذي أحرجهم مع مريديهم، ولكن يبدو أن ظننا خاب مرة أخرى!
لا ندري على وجه التحديد ما هي ملابسات تأجيل المجلس الموقر لمناقشة هذا المشروع الوطني الهام، والتصويت عليه، ولكننا كنا نتمنى لو لم يتم تأجيله، خصوصاً وأنه تأخر كثيراً، ويعلم أحبتنا في المجلس الموقر أنه لو تم تمرير هذا المشروع فسيكون علامة فارقة في تاريخ المجلس، نظراً لأهميته من جهة، ولمتابعة الناس الدقيقة لكل ما يطرح حوله من جهة أخرى، فهو بلا مبالغة حديث الساعة لدى معظم شرائح المجتمع، لذا فإننا نستغرب أن يؤجل المجلس فرصة تاريخية مثل هذه، فهذا المشروع - لو تم تمريره - سيعطي المجلس الموقر زخماً هو بأمسّ الحاجة إليه، في ظل استمرار موجة النقد التي توجه إليه على الدوام.
إن حيوية هذا المشروع تنبع من حقيقة أنه سيساهم بلا شك في حماية جناب العلم، وحفظ حقوق أهل العلم الحقيقيين، وأهم من هذا كله حماية الأجيال الناشئة، ولعل الجميع يعلم أن كثيراً من حاملي شهادات الوهم يعملون في مواقع تعليمية هامة، ولم يكونوا ليصلوا لتلك المواقع لولا شهادات الزيف والخداع، ولا أظنه يخفى على أحد ما لهذا من آثار خطيرة، وهناك مناشدات حالياً من خلال الإعلام الجديد لمسؤولي الجهات الحكومية التي يتواجد فيها أعداد كبيرة من أصحاب الشهادات المزيفة بأن يأخذوا الموضوع على محمل الجد، وكلنا أمل في أن يكون هناك تجاوب من قبل أولئك المسؤولين، لأننا لا نعتقد أن أياً منهم يرضى بأن يتولى أيّ كان مسؤوليات جسام، عطفاً على مؤهلات وهمية، ولعلنا ما زلنا نذكر الحملة القوية والناجحة، التي دشنها معالي وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور عبدالله العبيد على حاملي الشهادات الوهمية، ولكن الحملة توقفت منذ ذلك الحين، ونتمنى أن تعاد لها الحياة، فلا شيء أخطر من أن يكون المسؤول عن تعليم وتثقيف الأجيال الناشئة إنساناً مزيفاً.
وفي الأخير، نتمنى أن يصدر توضيح من مجلس الشورى الموقر عن أسباب تكرار تأجيل مناقشة هذا المشروع الهام، فعلى الرغم من أن المانع قد يكون تنظيمياً بحتاً، إلا أن الآراء تضاربت حوله، بل إن هناك شائعات قوية، تشير إلى أن هناك عدداً محدوداً جداً من الأعضاء الموقرين لا يرغبون في تمرير مشروع هذا القرار لأسباب لا أود الحديث عنها هنا، ومثل هذه الشائعات تضر بسمعة المجلس الموقر بكل تأكيد.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2