حديث طويل.. حكايات وقصص تروى عن واقع الرجل السعودي الذي يسافر مع زوجته أو أخته أو ابنته حتى أمه إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو كندا أو.. من أجل الدراسة هناك، وبعيداً عن تشخيص موقف بعض الدول الرسمي من منح تأشيرة دخول للرجل أياً كان موطنه من أجل أن يكون محرماً فقط، بعيداً عن هذه الإشكالية القانونية كان من الواجب الوطني مطارحة واقع هؤلاء الرجال “المحرم” الذين تختلف أحوالهم وتتباين سلوكياتهم وتصرفاتهم ومفاهيمهم بشكل كبير وغريب.. إذ إن هناك من المحارم من لديه وعي تام بطبيعة المجتمع الجديد الذي استقر فيه ولذا فهو يمنح المرأة التي جاء بصحبتها المساحة التي تتيح لها التعامل مع الرجل الآخر فيما يحقق لها المصلحة، ولا يخدش أو ينال من شرفها أو يضر بها، وهناك من يعتقد بأن الدور الذي جاء من أجل أن يلعبه يوجب عليه أن يصحب الأنثى في كل مكان حتى أنه يلاحقها داخل القاعة الدراسية ويتابع اتصالاتها ويرفض تعاملها مع الرجال ويشدد عليها المراقبة داخل مجتمعها الجديد فيضيف إلى غربتها غربة أخرى، أما الثالث من الرجال فهو عبء على المرأة المبتعثة وليس عونا وسندا، إذ إنه بمجيئه إلى هذا المجتمع المنفتح، ومع وجود الفراغ الذي لم يستطع أن يشغله بما يفيد، يسلك مسالك مشينة لا تليق، فتحار فيه المرأة ويصبح هماً فوق رأسها ومعاناة جديدة تضاف عليها، ولا تجد بدّاً من طلبها الطلاق منه إن كان زوجاً أو قطع دراستها والعودة إلى الوطن جراء ما تلاقيه من عنت ومشقة هناك إن كان غير ذلك.
إن الحل ليس في المطالبة بعدم اشتراط المحرم مع المرأة حين سفرها لطلب العلم فهذه مخالفة شرعية تحدث بها وبين خطورتها العلماء والفقهاء أهل الذكر والاختصاص، ولكن الحل في نظري:
• إعطاء مرافقي المبتعثة دورات تدريبية متخصصة للتعريف بالمجتمع الجديد، وطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة هناك سواء داخل القاعة الدراسية أو في اللقاءات الاجتماعية أو حين طلب الاستشارات العلمية.
• الحرص على إلحاق المحارم ببرامج دراسية تعليمية أو مهارية وعدم تركهم دون أن يتحقق لهم الفائدة من وجودهم هناك.. أعلم أن الغالبية منهم انضموا إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين ولكن بقي عدد منهم خارج السرب فكانت المأساة!
• عدم التوسع في ابتعاث الفتاة، خاصة الصغار منهن التي لم تتزوج بعد ويمكن عقد شراكات حقيقية “توأمة” وإبرام عقود خدمية بين الجامعات الأجنبية العريقة والمتخصصة وجامعاتنا السعودية لتكون الدراسة هنا وتحت إشراف ومتابعة الجامعة المختارة من جامعة الغرب المرموقة والمتقدمة.
• بحث الموضوع ودراسته دراسة وافية في محاولة لوضع بعض الضوابط والشروط والإجراءات التي من شأنها أن تضمن مستوى تعليمي مناسب، وخلفية ثقافية ملائمة عن الأطر الاجتماعية والسياقات الحياتية لدى الآخر وكذلك الوعي الكافي والمسؤولية الأخلاقية والاجتماعية للمحرم.. وعلى الرغم من أنه يمكن أن يؤثر ذلك على صعوبة حصول بعض الراغبات في الابتعاث على فرصهن التاريخية في الحصول على الشهادات العليا، لكن الدراسة الوافية للموضوع التي أدعو لمشاركة كل الأطراف ذات الصلة بأبعادها العلمية والأكاديمية، والفكرية والثقافية، والاجتماعية الأسرية، والاقتصادية المهنية وكيفية ضبطها مع موازين الشرع أحكامه ومقاصده ستخرج لنا بلوائح نظامية تحقق الانسجام بين الغاية السامية والهدف المنشود للابتعاث في مسايرة الاتجاهات العالمية المعاصرة في مجال العلم والمعرفة وتكنولوجيا العصر وإتقان الكوادر الوطنية لتلك القدرات والمهارات وتوظيفها في الحراك العلمي والمهني استثماراً لرأس المال البشري كعماد البناء الوطني.
• في المقابل تقع على ملحقياتنا الثقافية مسؤولية تعريف الآخر بنا والتأكيد على وجوب احترام مبادئنا الدينية وقيمنا الأخلاقية التي يجب علينا التمسك بها في جميع الأماكن وفي كل الأزمنة، أسأل الله عز وجل أن يحفظ أعراضنا ويقينا شر الفتن، ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.