قرأت عدة مطالبات تنادي بمجلس شورى منتخب، وجدت في بعض ما كُتب ترديد لبعض المصطلحات -الفضفاضة- ويتضح أن صاحبها لا يدري من الأساس عن آلية الانتخاب ولا شكله ولا طريقته، وبمجرد أن يسمع أو يرى أن لدى الآخرين مجالس نيابية منتخبة فهو ينادي بهذا المطلب. وأنا هنا لست ضد مجلس شورى منتخب، بل إن هذا مطلب الكثير منا يتمناه، إلا أن الانتخاب ليس مجرد قرار وأخرج وانتخب، هناك قواعد أساسية لا بد أن تتوفر سياسيا واجتماعيا قبل أن يكون هناك انتخابات نيابية، هناك نظام مؤسسات المجتمع المدني الذي لم يخرج إلى النور بعد، وهو من الآليات التنظيمية للعمليات الانتخابية، فأنا كمواطنة سأخرج وانتخب من؟ وكيف أعرف توجهاته الفكرية والسياسية؟ وهذا الذي سيرشح نفسه، كيف سيجد من يدعمه طالما هو لا ينتمي إلى تكتل سياسي يدعمه؟ هذا باستثناء -الإخوان المسلمون- وهم أكثر من يهتم بموضوع الانتخابات النيابية لأنهم التكتل الوحيد المنظم، كذلك الطوائف والأقليات لديهم من الترتيب والتنظيم ما يسمح لهم بدعم مرشحهم، وبعد الإخوان والأقليات تنظيما، قد تكون القبيلة إن قامت بعمل مدني منظم، وعداهم سيكون مرشحاً مع نفسه! فلو خرج المواطن الفلاني وأراد أن يرشح نفسه، هل له تكتل بإمكانه الانضمام له؟ هل لدينا مؤسسات مدنية تستطيع تقديم مرشحيها وتدعمهم ماديا ومعنويا؟ بلا شك، كل هذا غير موجود، إذن المطالبة بمجلس شورى منتخب في هذه المرحلة وقبل أن تكون لدينا تنظيمات ومؤسسات مدنية رسمية هو ضرب من العبث، وهو لصالح الإخوان المسلمين وحدهم!
الحديث عن مجلس الشورى، والمطالبة بإصلاحه، لا بد أن يتوافق مع المعطيات الحالية، مع المطالبة بما نريده مستقبلا بإيجاد أرضية صلبة وصالحة للعمل مع الآلية الانتخابية، أما الوضع الحالي فهو يحتاج إلى تعديل أنظمة مجلس الشورى التي تجاوزت العشرون عاما دون تبديل في زمن متغير. إضافة إلى توسيع الصلاحيات في الأنظمة التشريعية والرقابية، وإن أردنا الحديث عن مجلس شورى منتخب، فبعد التنظيم المجتمعي لمثل هذا الحدث، فإن الانتخابات تكون لنصف الأعضاء، ولنا في تجارب دول قريبة مثل البحرين والأردن وغيرهم في مجالس نيابية، نصفها بالتعيين ونصفها بالانتخاب أنموذجاً ناجحاً، لأن هذا أكثر استقرارا وأكثر تناسبا مع التركيبة المجتمعية، كما أنه الشكل المنظم لآلية مدنية بصلاحيات أكبر.
الحديث الآن لا بد أن يكون عن الشكل الجديد للمجلس، حيث ستدخله النساء بعضوية كاملة للمرة الأولى، والنظر إلى حاجتنا في هذه المرحلة، ونظرتنا للتغييرات التي ستُحدثها المرأة العضوة، سواء داخل مجلس الشورى، أو في المجتمع السعودي بشكل عام. أما ما يقال من -غثاء- الكلام، فهو مجرد “عبث” لا يتناسق مع معطيات الواقع، فمن يطالب بشيء عليه أن يعي بما يطالب به وبآلية تحقيقه، وهل التنظيمات المدنية تساعد عليه أم لا؟
www.salmogren.net